الزراعة في لبنان -
لبنان منشورات الجامعة اللبنانية
-تابع-
المحصولات الزراعية: اهم المحصولات الزراعية هي
الحبوب والقطاني والبقول والخضر والاشجار المثمرة
والزراعات الصناعية وغيرها من النباتات والاشجار.
ونظرا ً لعدم وجود معلومات رسمية يصعب علينا معرفة
المساحات التي يشغلها كل من هذه المزروعات سواء كانت
مزروعات المعيشة او خلافها. كما اننا نجهل كمية الحبوب
المختلفة التي تدخل لبنان من الخارج لتكملة احتياجاته
الغذائية لان قسما ً منها يستمده من مرافىء بيروت وطرابلس
وصيداء وتجدها مقيدة مع واردات هذه المدن الخصوصية وقسم
يدخل من البر على الدواب من الولايات المجاورة ومن البقاع
وحوران خصوصا ً. لكنه يستورد اعظم كمية عن طريق البترون
وجبيل وجونية بواسطة الشخاتير ويدخل الى هذه البلدة سنويا
ً مليون كيلة ويعدلون ما يرد الى الجبل عن باقي الطرقات (البترون
وجبيل وطرابلس الخ) بضعفي هذه الكمية ومعظم هذه الداخلات
من القمح والشعير والقطاني.
1- الحبوب والقطاني
الحبوب: ان الحبوب التي تزرع في لبنان هي: الحنطة
والشعير والذرة والذرة البيضاء: اما القطاني فهي العدس
والحمص واللوبياء والفول والباقية والكرسنة والحلبة
والترمس والماش.
وقبل الكلام عن كل صنف منها يلزم تعريف المساحات والمكاييل
المصطلح عليها فاولها الدنم وهو يساوي 1600 ذراع مربع ثم
الفدان والمفهوم به ما يزرعه الفلاح سنويا ً من صيفي وشتوي.
والمكاييل الدارجة هي المد وتقسيماته ويساوي المد الجبلي
سبعة ارطال.
الحنطة: منتشرة زراعتها في عموم الجبل وهي اهم
مزروعاته الغذائية ويعدلون مقطوعية اللبناني السنوية منها
بثمانين رطل فضلا ً عما يدخله في طعامه من البرغل وملحقاته
اي الكبة والكشك ومن الفريكة والسميذ. والقسم الاعظم من
هذه المقطوعية يستورده من حيفا وعكا ومرسين واحيانا ً من
اضاليا وسلفكي وصور وغزة. وعندما تكون اسعار حوران وحلب
وحمص وحماة اوطأ يستجلب معظم حاجته من هذه الجهات. ويرغب
اللبناني الحب القاسي الاحمر الاكثر امتدادا ً في عجينه
لان خبزه عادة مرقوق ولذلك يفضل مشترى الحب القاسي ولو
باسعار اعلى ومنذ ابتدىء باستبدال المرقوق بال"كماجي"
ازداد الاقبال على حبوب الداخلية الجيدة وصار يستورد منها
حتى من اورفا وسروج وبره جك. ويبذر الزراعون من القمح مدا
ً تقريبا ً في الدونم اما اذا اعتبرنا الفدان فتقارب
محصولاته في الاراضي الجبلية من 15 الى 20 مدا ً وفي
الساحل 20 مدا ً ومعدل محصول المد من 5 الى 7 بالواحد وهذا
قليل بالنسبة لما يمكن الحصول عليه. وفي الخارج اجمالا ً
يستغلون ضعف هذا المحصول واكثر. اما في الجرود فيروون
الارض قبل الزرع ويذرون البذار بكيرا ً في اواخر آب –
ايلول ويسمون كيفية الزرع هذه "ربصا ً" والغاية من ذلك ان
تتمكن الجذور من قوتها قبل ان يداهمها الجليد ويخترقها
فاذا سقط بعده الثلج وكسا الارض يحرق الاصل كما يقولون
لكنه لا يمنع نمو النبات. ونظرا ً لعناية مزارعي الجرود
لحقولهم اذ يعزقونها عزقا ً جيدا ً ويسرحون الماعز فيها في
فصل الصيف فيغل المد الواحد من عشرة الى اثني عشر مدا ً
واحيانا ً خمسة عشر مدا ً.
ولا بد هنا من الالحاح في انتقاء البذار وتأصيله سواء كان
بذار القمح او الحبوب او خلافه لان جودة الغلة تتوقف غالبا
ً على جودة البذار فقد ارشدتنا الامتحانات الكثيرة التي
جربت في هذا الموضوع مدة سنين عديدة الى الامور الآتية: ان
في كل نبت بالغ من القمح سنبلة الخصب مما يجاورها من سنابل
ذلك النبت وفي كل نبتة حبة اخصب من سواها. فاخصب حبة في كل
نبت تكون في اجود سنبلة منه وخصب هذه الحبة ينتقل بالارث
الى السنابل التي تخرج منها فتكرار الانتقاء يثبت الجودة
في ذلك الحب فيصير نوعا ً من الحبوب الخصيبة. فعلى
الزراعين ان يمتحنوا انواع البذر المعروفة عندنا ويؤصلوها
ويتقنوا زراعتها ويجعلوا در البذار مرتبا ً بحيث يكون
البعد بين الحبوب متساويا ً فيضاعفون هكذا محصولهم. والحب
القاسي الاحمر الذي يزرع في بلادنا مرغوب في الاسواق
الخارجية في ايطاليا خصوصا ً لشدة "حيله" اذ يستعملونه في
معامل المعجونات الغذائية كالمعكروني والكعك وخلافه والطلب
يزداد عليه يوما ً عن يوم وتصدر منه مرافئنا كميات وافرة.
فالاولى ان نتقن زراعته ونحسنه وننتفع نحن بمحاصيله
الثانوية بتحضيرها في بلادنا حيث يدخل منها في غذائنا مبلغ
ليس بيسير.
الشعير: ان ارضنا الكلسية توافقه لكنه يتطلب لينمو
جيدا ً تربة ً كثيرة النعومة. وفي المثل الافرنجي "ليس
افضل من التراب لنمو الشعير وزكائه" وهو من المزروعات التي
توجب اعتناءنا لكثرة عازتنا اليها لان الشعير في الشرق هو
اساس علف الدواب يبذرونه بمقدار ثلاث ربعيات او مد في
الدونم اما زمان زرعه فيقدمونه على اوائل شباط او يؤخرونه
الى غرته ويغل 6 الى 7 في الواحد لكن ما يؤخر زمن بذاره
تزيد غلته وتبلغ 8 الى عشرة وفي بعض الاحايين الخمسة عشر
في الواحد والسبب في ذلك ان الارض تكون حصلت على حراثة
ثانية. اما خارجا ً عن لبنان فمعدل غلته الاعتيادية خمسة
عشر في الواحد.
الذرة: هي من المزروعات الكثيرة النفع فتارة ً
يأكلونها مشوية او مسلوقة قبل تمام نضجها وتارة ً يمزجونها
مع طحين القمح. وكثيرا ً ما يتخذون خارج لبنان الذرة لعلف
المواشي وتكون ايضا ً سوقها وورقها قوتا ً لها ويندر ان
يوجد نبات اخصب من الذرة. ان كمية بذارها هي اقل كثيرا ً
من الكمية المستعملة لباقي الحبوب في المساحة ذاتها وتختلف
غلة الذرة اختلافا ً عظيما ً فتبلغ من 40 الى 50 في الواحد
وفي اراضي السقي من 80 الى 100 ولا تزرع عادة في لبنان الا
في الجرود في اراضي السقي فيبذرونها من 15 نيسان وصاعدا ً
لتكون بمأمن من الجليد.
يوجد نوع من الذرة اصله من الهند الصينية أدخل من بضع
سنوات الى فرنسا وهم يبنون عليه آمالا ً عظيمة كعلف
للحيوانات فلون حب هذه الذرة احمر فاتح وتبلغ سوقها اربعة
امتار ونصف وتقبل الخيل والبقر على اكلها اقبالا ً عظيما
ً. انما الامتحانات التي اجروها هنالك لم تعط بذرا ً
فينسبون عدم نجاحها الى شدة البرد وقلة ريها ولعلنا لو
حصلنا على بذار منها فجربناها وزرعناها في اراضي السقي
ببلادنا لأتت بالفائدة المرغوبة.
الذرة البيضاء: كانوا يزرعونها كثيرا ً لكن مع رخص
القمح وفتح اميركا استغني عنها وبطلت زراعتها ولا تجدها
الآن في لبنان الا في سواحل قضاء الكورة (شكا. حامات.
الهري. انفه الخ). اما كيفية زرعها فمثل الذرة البيضاء
تقريبا ً.
الرزين: زراعة هذا النبات مثل الصنف السابق ذكره
وهي قليلة الانتشار في لبنان. يزرعون الرزين في نواحي
البقاع خاصة ويتخذونه لعمل المكانس اما حبه فيأكلونه وهو
مستعمل عادة ً لعلف الطيور واذا لأخذ الرزين اخضر عد من
اطايب العلف للمواشي.
القطاني: ان زراعة هذه القطاني قليلة في الجبل
يزرعون منها خصوصا ً العدس والحمص وتزرع اللوبيا
والفاصوليا والحمص والفول والترمس في الوسوط والجرود
لاستثمار حبها وفي السواحل لتؤكل خضراء واحسن اجناس
الفاصوليا في الجبل هو فاصوليا العاقورة الحمراء وفاصوليا
حمانا البيضاء يزرعونهما في ارض السقي ويزرعون الحمص
والفول في الوسوط والسواحل في الاراضي البعلية اما الباقية
فاكثر زرعها في لبنان لتكون وهي خضراء علفا ً للخيل والبقر
وتزرع الكرسنة لاستثمار حبها وكذلك الماش وهو نادر الوجود.
ويغل المد من القطاني من 10 الى 12 في الواحد.
2- البقول والخضر
تنمو في لبنان كل بقول الاقاليم الباردة والمعتدلة والحارة.
وقد سبق الكلام عن القطاني بمناسبة غلة حبها. اما باقي
المزروعات الخضراء فهي: الباذنجان والبندورة والملفوف وهو
كثير الوجود في عموم الجبل والقرنبيط والبصل واكثر ما يزرع
في شمالي لبنان وفي الشوف فيؤكل اخضر او ييبس فيحفظ للمؤنة.
والثوم وهو اقل زرعا ً والخيار والقثاء يكثرون من زرعهما
خصوصا ً في الكورة وبلاد جبيل وفي الشطوط البحرية عموما ً
ثم الكوسا والقرع واليقطين وكلها شائعة ويكثرون من زرع
اليقطين لاستحضار الحلويات منها الحلوى الجزرية والبطيخ
والبطيخ الاصفر (قليل) والبامية (تجدها خاصة ً في السواحل
البحرية وزراعتها بازدياد) ويا حبذا لو جروا على مألوف
عادة اهالي جزائر اليونان حيث يكسبونها بماء الملح
ويحفظنها لأيام الشتاء فتؤكل كانها خضراء. ثم الفجل
والشمندور (وهو قليل) والجزر ويعمل منه الحلوى الجزرية.
واللفت والكرنب (يزرعان خصوصا ً في ضواحي زحلة) والقلقاس (في
وطأ نهر الكلب) والخس (عمومي) والكرفس والسلق والملوخية (زراعتها
تزداد) وكانت تطبخ سابقا ً يابسة اما في السنين الاخيرة
فأخذوا يطبخونها خضراء على الطريقة المصرية ونسمى "عائمة".
وأدخل في مزروعاتنا النباتات الآتية التي كانوا يجنونها
سابقا ً خارجا ً عن البساتين: الحميضة. الخرشوف. الهندباء.
الخبازي. النعنع الكزبرة الخضراء. البقدونس. الهليون.
القرة. الرشاد. الروكا.
البطاطا: وبين الخضر المزروعة البطاطا. فمنذ 50 الى 60 سنة
كانت زراعتها محدودة في لبنان فترسل الى المدن الساحلية
وتباع للاجانب لقلة اقبال الوطنيين عليها في طعامهم لكن
فيما بعد اخذت زراعتها تتقدم وتوسعت كثيرا ً في السنين
الاخيرة وبعد ما كانت تزرع خصوصا ً في الجرود في الاراضي
المسقية كاهدن وضواحيها وتنورين وفاريا والمزرعة وميروبا
صرت تجدها الآن في محلات عديدة لأزدياد اقبال الاهالي على
مشتراها. والبطاطا معدة لان تنظم في سلك افضل المزروعات
اللبنانية اذا ما اتسعت اعمال الري وذلك لحسن مداخيلها
ويمكن الحصول على غلة اوفر وافضل جنسا ً منها اذا اتقنت
طرق زراعتها وصار الاهتمام بانتقاء بذورها. ولابد في هذا
الصدد من توصية الزراعين ان لا يستعملوا للبذار رؤسا ً
صحيحة بل قطعا ً ويختاروا لذلك اجود الرؤوس فيقطعونها قطعا
ً كبيرة اثنتين او ثلاثا ً او اربعا ً حسب حجم الرأس فتكون
هكذا اكثر فائدة واغزر عائدة.
البطاطا الحلوة: أدخلت زراعتها في ديارنا منذ عشرين سنة
تقريبا ً لكنها لم تستفلت انظار ارباب الزراعة الا في
الآونة الاخيرة فانصبوا على زراعتها خصوصا ً في السواحل.
وكيفية زراعتها مثل البطاطا غير انها تبقى في الارض طول
الخريف والشتاء وتقلع عند الحاجة اليها ويمكن جنيها تباعا
ً منذ آب الى ايلول لكن الرؤوس الصغيرة تبقى في الارض حتى
تكبر وتصير صالحة للطعام. فانهم يكثرون من هذا الصنف اذ
يطمرون في الارض قطعا ً من الساق مع بقاء عقدتين او ثلاث
فوق الارض. وهذا النبات مثل البطاطا ايضا ً يستلزم تعشيب
الارض وتنظيفها جيدا ً فيعطي غلة وافرة والبعض من رؤوسه
يبلغ حجما ً كبيرا ً يتجاوز وزنه بضعة كيلوغرامات. ومستقبل
زراعة هذا الصنف واسع في بلادنا وذلك لعدة اسباب اولا ً
انه لا يحتاج لمزيد عناية. ثانيا ً لانه يأتي اصحابه بثمر
لذيذ الطعم عندما يحسنون تجهيزه وهو يؤكل مشويا ً او
مسلوقا ً او مطبوخا ً بانواع شتى. وهو ايضا ً من العلف
المشكور للبهائم ذات القرون وللخيل وهذه الغاية هي
المقصودة خاصة من زرعه في البلاد الاجنبية. واخيرا ً يمكن
استقطار الكحول منه فاذا اردنا تنمية المواشي في بلادنا
وجب علينا الاكثار من زرع هذه الجذور وما شاكلها.
3- الأشجار المثمرة
ان هذه الاشجار هي منتشرة في عموم انحاء الجبل وقد اخذ
غرسها يزيد عاما ً فعاما ً خصوصا ً في السواحل ولا يزال
المجال واسعا ً جدا ً للاكثار من زرعها ولا سيما من زرع ما
لا يتلف اذا لم يبع في حينه او ما يمكن نقله دون ان يعطل.
ويجب التكثير من الفاكهة خصوصا ً قرب المدن لكثرة الاقبال
عليها وسهولة النقل. ان في سواحلنا البحرية يجد زراعونا
الماء اينما حفروا فاذا تابعوا انشاء البساتين والجنائن
واستخرجوا المياه من الارض واصعدوها بواسطة النواعير او
بالات اخرى بخارية اذا لم يتيسر جرها من ينابيعها نالوا ما
شاؤا من وفرة ثمارها فضلا ً عن محاصيل البقول وباقي
المزروعات.
ان اهم انواع الاشجار المثمرة في لبنان هي: التين والليمون
والتفاح والاجاص والمشمش والخوخ والقراصيا والدراق والكرز
والجرنك والسفرجل والايكي دنيا والرمان. ويزرعون ايضا ً
القشطة والعناب والزعرور واللوز والجوز والتوت الاحمر او
التوت الشامي والفستق والبندق والنخيل.
التين: كثير في لبنان في جميع انحائه فيوجد منه في الوسوط.
ومن اجناسه المختلفة البياضي والبقراطي والعبيدي والجمالي
والشتوي (العرقوب والمتن وبلاد جبيل والبترون) اما في
الجرود فنادر ويزرع خاصة التين الاسود. واللبنانيون يكثرون
من اكل التين سواء كان رطبا ً مجففا ً او مطبوخا ً بالدبس
او بالعسل او بدبسه (تين مطبوخ) ويرسلون منه الى خارج
الجبل والتين اليابس المشهور بجودته هو تين بلاد جبيل (التين
العمشيتي) مشرح او مطبع وتين مجدل المعوش في الشوف (المطبع)
ويقدر محصول الشجرة السنوي بريال مجيدي ومعدل المحصول
الناشف على حسب جنس الثمر فيعطي الرطل من 4 الى 5 اواق.
وحيث ان تربتنا ومناخنا يناسبان كل المناسبة هذه الشجرة
وجب علينا المحافظة عليها وانتقاء انواعها وتحسينها وتكثير
زرعها وزيادة الاعتناء في تهيئة محصولها الناشف فتعطينا
حينئذ غلة جيدة اذ لا يخفى ان اسعار هذا الصنف هي غالية في
اوروبا ويبلغ ثمن ال 100 كيلو من التين الازمرلي الجيد
مائة فرنك وتعدل صادراته السنوية باربعة او خمسة ملايين
فرنك بينما محصولاته التي تصدر من شواطئنا يستعمل اغلبها
في الخارج لاستقطار الكحول.
الليمون: ليمون البرتقال وليمون الماندارين او يوسف افندي
والليمون الحلو والليمون الحامض وليمون ابو صفير. هي
الفاكهة التي اتسعت زراعتها اكثر من غيرها في السنين
الاخيرة وكان ابتداء اتساعها في اواسط القرن الماضي من حين
امتداد شهرة ليمون يافا في البلاد الاجنبية ورواج سوقها
فاخذ كل يغرس قسما ً من جنينته ليمونا ً فضلا ً عن بساتين
الليمون العديدة التي قامت في كل صوب وناحية والحق يقال ان
الملاكين اعاروا مزروعاتهم من الليمون عناية خاصة ان كان
من جهة التسميد او الفلاحة او ترتيب السقي. ويسمون في يافا
بستان الليمون"بيارة" وفي شواطىء لبنان "ناعورة" وذلك لان
المصطلح عليه لسحب الماء هو الناعورة ويوجد منها في كل
جنينة واحدة فاكثر. وفي سواحل لبنان اخذت زراعة الليمون
بازدياد متواصل منذ عشرين سنة فاصبحت ممتدة الآن على طول
الشاطىء بين بيروت وصيداء حيث تحولت الرمال الى جنائن وفي
شواطىء كسروان في جونية وضواحيها ونهر ابراهيم.
ويحصل البرتقال بتطعيم انواع فصائله بعضها ببعض ولذلك تنوع
الليمون الى اصناف كثيرة تختلف عصارتها وفرة ً وطعما ً
وغالبا ً يطعمون البرتقال على الليمون المسمى "ابو صفير"
ومنه جنس اصلي يسمى البرتقال المالطي وهو حاصل بذاته من
غير تطعيم فاذا زرع بزره نما منه برتقال بخلاف بزر
البرتقال الذي اصله "ابو صفير" مطعم او ليمون حلو فانه اذا
زرع يعود الى جنس ابي صفير.
ويطعم الماندارين على الليمون الحلو ويحصل البعض على نوع
كبير منه فيقولون "كبر حجمه لكنه فقد رائحته الزكية"
ولتدارك ذلك يلزم تطعيمه زمنا ً فزمنا ً والا تغيرت ثماره.
وانواع البرتقال عديدة تختلف في حجمها ولذة طعمها منها
الشموطي والبزري والماوردي واشهرها برتقال صيداء ويافا
وطرابلس وليمون صيداء يمتاز بكثره مائيته وطيب طعمه ورقة
قشرته وكذلك ليمون ساحل علما في لبنان المعروف بال "بزري"
الا ان برتقال يافا الذي يدخل في حكم "الشموطي"هو اروج
سوقا ً في البلاد الاجنبية خصوصا ً عند الانكليز والسبب ان
ثمر يافا اغلظ قشرة فيحفظ جيدا ً ثلاثة اشهر او اكثر اذا
أحكم اعداده لاصداره الى الخارج فيبلغ انكلترا وهو على
احسن حالة فضلا ً عن انه يحتوي على اصناف كبيرة الحجم تروق
للناظر. ويعدلون ما يرد الى بلاد الانكليز من البلدان
المختلفة 200 مليون برتقالة كل عام. وقد اصبحت غلة الليمون
عظيمة في سوريا عموما ً وتدر عليها مالا وافرا ً ويتنعم
السوريون باكل البرتقال ستة اشهر وازيد من كانون الاول الى
آخر ايار وما لنا الا ان نزيد توسيع زراعة الليمون في
شواطىء لبنان لكن يجب ان نتحاشى استخدام نوع الليمون
الصيداوي وحده ذي القشرة الرقيقة بل نجتهد بغرس النوع
اليافاوي ايضا ً ذي القشرة الغليظة فهكذا يتصرف النوع
الاول في ارضه وفي البلاد المجاورة التي يمكن ان تقرب
اليها وسائط النقل السريعة وما بقي يتصرف في سائر البلدان.
التفاح والاجاص: ان في زراعتهما فائدة كبرى وهذه الاشجار
متينة تقوى على تغييرات الجو وعلى تغيير التربة وتوجد في
نواحي الجبل المختلفة من سواحل ووسوط وجرود واثمارها مجنسة
للغاية اما الاجناس المشهورة في جودتها بين الاجاص فهي
اجناس بكفيا وريفون والعربانية (الاجاص السكري). وبين
التفاح اجناس زغرتا واهدن وبشراي وميروبا وجرود الفتوح
وعين موفق وبكفيا. وفي اهدن نوع فضلا ً عن جودته يحفظ
طويلا ً بحالة حسنة ولعله استحضر من الخارج. ويغرس التفاح
والاجاص بعلا ً في الجبل لكن نطاق زراعتهما خصوصا ً الاجاص
كان محدودا ً انما اخذ بالاتساع في جنائن وبساتين الساحل
ويطعم التفاح على انواع من جنسه والافضل تطعيمه على تفاح
خالص اي ناتج منبزره اما الاجاص فيطعم على اجاص بري او على
سفرجل ويكون اول اكثر قوة لكنه يتأخر حتى يثمر بعكس الثاني
فانه يعيش اقل من ذاك لكنه ينتج اثمارا ً قبله وتكون اجود.
وقد لاحظوا ان التفاح لا يقيم كثيرا ً في بلدنا اذ انه "يخرز"
ولا يلبث ان يموت وسبب ذلك دودة سنتكلم عنها في باب نفرزه
للحشرات المضرة بالجنائن.
المشمش: هو من فواكه بلادنا الطيبة لكن زمن هذا الثمر قصير
لا يتجاوز الشهرين يطعم على شجر الخوخ او شجر اللوز
واحيانا ً على الجنس البري الناتج من بزره يزرعون منه
مشاتل ويطعمونه فيها والاجناس المزروعة في الجبل هي المشمش
الكليي والمشمش اللوزي ولاعتقاد سكان الجرود ان الاول يعيش
اكثر من الثاني يفضلون زراعته من ان اللوزي الذين تكون
نواته حلوة هو ألذ طعما ً وأعلى قيمة وبين الانواع
المشهورة في الجبل كمشمش بكفيا وبسوس وهما من الصنف الاخير.
ان زراعة المشمش آخذة بالانتشار وهي جزيلة النفع في البلاد
السورية سيما في نواحي الشام وهي تصدر منه جافا ً كمية
وافرة من النقوع والقمردين هذا المربى هو عبارة عن صفائح
رقيقة مجففة حمراء ضاربة الى السمرة وفي طعم هذا المعجون
حموضة خفيفة وهو ملين خفيف. تعدل قيمتها السنوية من عشرة
آلاف الى عشرين الف ليرة هذا فضلا ً عن قسم كبير يؤكل رطبا
ً في نفس البلاد. وللمشمش ودخول آخر من عجوه او قلبه
فيشتريه الاجانب من بلادنا ويستعملونه للحلويات ومنهم من
يستخلصون منه الزيت (في مرسيليا وهامبورج) وتعدل القيمة
الوارد منه سنويا ً الى بيروت ويصدر الى الخارج بعشرة آلاف
الى عشرين الف ليرة.
الخوخ والقراصيا والدراق والكرز والجرنك: زراعة الخوخ
والقراصيا منتشرة في بساتين الوسوط والسواحل وأدخل من بضع
سنوات الى بكفيا ثم الى محلات أخر صنف اجنبي من الخوخ ذو
رائحة ذكية وطعم لذيذ يعرف باسم (Reine-Claude) ومن مزايا
هذ النوع انه ينبت مع محاسنه وميزاته الاصلية من الفسائل
الناتجة من عجوه وعندنا نوع فاخر ايضا ً وهو الخوخ الشامي
يحصل منه على ثمر ناشف جيد. اما الدراق فزراعته قليلة لكنه
يحتوي على انواع طيبة (في غزير) . اما الكرز والجرنك
فيزرعان في الوسوط والجرود ومن الكرز جنس حسن في ضواحي
بكفيا واكثر استعماله في الجبل لاستحضار الشراب والمربى.
وهو شجرة جبلية برية تعيش بين الصخور وفي الاراضي المحجرة
ويحسن نموها فيها بقدر ما تأبى الاراضي الرطبة القوية
ويطعم الخوخ على البزر ومثله تطعيم الدراقن او على اللوز
او على الخوخ اما الكرز فيطعم على انواع من جنسه او على
كرز بري او الجرنك وهو نوع من الكرز.
السفرجل: كثيرا ً ما يزرع في قضاء الكورة وقضاء البترون
وبجهات الزاوية وفي بلاد جبيل ويستعملونه خاصة لعمل المربى
ومنه منابت كثيرة يؤخذ منها لتطعيم الاجاص.
الايكي دنيا او الانكدونيا: يغرس في بساتين الساحل وزراعته
بازدياد ويجب الاحتراس من سم نواه.
الرمان: كان كثير الوجود في الماضي حتى في القرون المتوسطة
اما الآن فقلت زراعته وتجده خصوصا ً في السواحل ومنه عدة
اصناف يوكل او يعمل منه شراب ويستعمل قشره للدباغة فيصدر
منه كمية للخارجز
القشطة: زرع هذا الشجر ليس قديما ً في بلادنا ويتطلب ليعيش
اعتناء خصوصيا ً فيجب زرعه بمأمن من الريح الشمالية.
العناب والزعرور: يوجد من هذه الاشجار في الجبل وفي
السواحل والعناب نادر فأوجده في جهات بيت الدين اما
الزعرور فيزرع الجوي منه في الجنائن.
اللوز: يعد من الاشجار الوطنية ولا يقتضي لزراعته عناية
خصوصية وينمو في الاراضي الجافة القاحلة والتربة الكلسية
ويكثر هذا الشجر بتطعيمه على اللوز البري او على اللوز
العام واذا اردت غرسه في ارض رطبة فيطعم على الخوخ ويستعمل
اللوز لتطعيم الدراق في الاراضي الناشفة. ومنه اجناس لذيذة
الذوق في كسروان وفي دوما (الكورة) ولا بد من تنشيط
المزارعين على الاكثار من زرع هذا الشجر مع اختيار الانواع
الجيدة منه كاللوز الفركي لانه يجنى بكثرة ويباع باسعار
باهظة فان مئة كيلو منه تساوي من ليرتين الى خمس ليرات حسب
الجنس.
الجوز: هو من الاشجار الكبيرة الثمينة اذ ان خشبه يعد من
احسن انواع الخشب للنجارة وثمره يؤكل رطبا ً او جافا ً
ويستخرج منه في الخارج زيت طيب وقشرة الجوزة الخضراء يعمل
منها شراب الجوز وتستعمل احيانا ً كصباغ للخشب الابيض.
وتكثيره يكون عادة ً بواسطة البذور ويوجد منه في عموم
الجبل خصوصا ً في الوسوط والجرود (اهدن. بشراي. العاقوره)
والجوز مثل اللوز لا يستدعي نقله عناية خاصة ويبقى زمنا ً
طويلا ً.
التوت الاحمر او التوت الشامي: يزرعونه قليلا ً بجوار
البيوت وفي فسحات المزارع لاستثمار "كبوشه" فيؤكل عند قطفه
او يعصر ويعمل منه شراب.
الفستق: نادر لكن يمكن التكثير منه بتطعيمه على البطم ومن
هذا الجنس عدد وافر في جبلنا.
البندق: نادر يوجد منه بعض شجرات في جونيه ولو نما زرعه
لأتى بأرباح طيبة.
النخيل: ينمو هذا النبات في الاراضي الرملية ويجود فيها
واذا تصفحنا التاريخ تأكدنا انه قد كان لزراعة هذا الصنف
في الزمن الغابر في بلادنا الشامية شأن خطير وايراد غزير
ويذكر نصري خسرو في رحلته سنة 1035-1042م انه شاهد في
ضواحي طرابلس وجبيل وصيداء بساتين عامرة عديدة محتوية على
مزروعات جمة من النخيل. بيد ان زراعته الان اصبحت محدودة
للغاية وجل ما تجد منه بعض اشجار متفرقة في الجنائن. ولا
ينتظر ان زراعة هذا الصنف تأخذ دورا ً يذكر بين مزروعاتنا.
ويزرعون الآن ايضا ً بعض الشجيرات كانوا سابقا ً يجنون
ثمرها من غير زرع كالحنبلاس تجد منه بكثرة في جونية
وضواحيها.