Lebanese Government Serail

سرايات لبنان الحكومية - أبنية أنيقة تؤدي وظائف سامية - اعداد المهندس الدكتور خالد عمر تدمري

لبنان غني بتراث عمراني عريق ومعالم تاريخية لافتة. بين أجمل أبنيته التراثية: قصور وسرايات في أنحاء الجبل والساحل ترقى الى الحقبة العثمانية.

القصور والسرايات العثمانية في لبنان نوعان:

الأول: قصور بناها أمراء واقطاعيون وأعيان حكموا مناطق الجبل شمالا ً ووسطا ً وجنوبا ً بين منتصف القرن السادس عشر ومنتصف القرن التاسع عشر من العهد العثماني. كانت دورا ً ضخمة من قسمين: خاص ("الحرملك" لنساء البيت وأفراد العائلة) وعام ("السلاملك" للرجال فيه قاعات استقبال العامة والضيوف ومكاتب ادارية واسطبلات الخيول وأحيانا ً محكمة وسجن ومشنقة). في طليعة المعالم العتيقة قصور الأمراء المعنيين والشهابيين في مناطق الجبل أروعها قصر بيت الدين.

النوع الآخر: سرايات ادارية من أواخر العهد العثماني خلال حكم السلطان عبر الحميد الثاني وعرف بعهد "التنظيمات" نهاية القرن التاسع عشر حين بنت الدولة العثمانية سرايات حكومية للشؤون الادارية في مراكز الولايات والمدن الكبرى في أنحاء الامبراطورية ومنها في لبنان: السراي الصغير وسط ساحة البرج (بيروت) وسراي طرابلس (وسط ساحة التل) وسراي صيدا وسراي جبيل (أبنية جميلة أزيلت في ستينات القرن الماضي) وسراي صور وسراي بعلبك. وهذه السرايات دور حكومية لا مساكن فيها للاقامة ليست قصورا ً بل مصممة مباني ادارية اتخذ معظمها الطابع المعماري الأوروبي الكلاسيكي شبيهة بأبنية عاصمة الامبراطورية العثمانية استانبول التي تأثرت خلال عهد التنظيمات بطرز العمارة الغربية.

السرايات الحكومية في جبل لبنان

تزامنا ً مع انشاء السرايات الحكومية في مراكز الولايات والمدن الكبرى ابتنى متصرفو جبل لبنان ابان حكم السلطان عبد الحميد الثاني دورا ً حكومية في مراكز أقضية ادارية رئيسية من جبل لبنان لتسيير شؤون الدولة والمواطنين لا يزال معظمها حتى اليوم تمارس فيه المهام أو تحول في مدن بلديات أو مركز ادارية وأمنية تابعة وزارة الداخلية. منها ما هو اليوم:

- سراي بعبدا (مركز محافظة جبل لبنان): في مطلع القرن التاسع عشر اشترى أهالي بعبدا من أمراء شهابيين قسما ً من دار الحكومة لتخصيصه للدولة. سنة 1887 زمن واصا باشا هدم البناء القديم وأنشئت دوائر هي اليوم في الجهتين الشرقية والغربية من السراي. وأكمل نعوم باشا الدوائر الشمالية سنة 1898. وأنشا مظفر باشا بوابة السراي الفخمة عام 1903 ونقش أعلاها "طغراء" أي توقيع السلطان عبد الحميد و"آرمة" أي شعار الدولة العثمانية.

- سراي دير القمر (مقر بلدية دير القمر): شيده الأمير يوسف الشهابي سنة 1712 وفي عهد داوود باشا أخذ من ورثته وتحول دارا ً للحكومة.

- سراي بعقلين (مكتبة بعقلين الوطنية): أنشأه نعوم باشا سنة 1897 وفوق مدخله كتابة تاريخية وطغراء السلطان.

- سراي الشويفات (مركز للشرطة): أنشأه نسيب بك جنبلاط سنة 1902 في عهد مظفر باشا مركز قائمقامية قضاء الشوف وفوق مدخله كتابة تاريخية وطغراء السلطان.

- سراي زحلة (مقر بلدية زحلة): أنشأه عهد واصا باشا سنة 1888 وفوق مدخله كتابة تاريخية وطغراء السلطان.

- سراي جزين (مقر بلدية جزين): أنشاه نعوم باشا سنة 1897 وفوق مدخله رسم طغراء السلطان عبد الحميد.

- سراي جونية (مقر بلدية جونية): أنشأه نعوم باشا سنة 1897 مركزا ً شتويا ً لقضاء كسروان.
- سراي غزير (مقر بلدية غزير): أنشأه مظفر باشا سنة 1904 مركزا ً صيفيا ً لقضاء كسروان. تزدان واجهته ب "الهلال والنجمة" شعار العلم العثماني.

- سراي جديدة المتن: أنشأه مظفر باشا سنة 1905 مركزا ً شتويا ً لقضاء المتن أزيل وأقيم مكانه سراي باطوني.

- سراي بحنس (مركز للجيش اللبناني): أنشأه نعوم باشا سنة 1897 مركزا ً صيفيا ً لقضاء المتن وفوق واجهته الرئيسية كتابة تاريخية وطغراء السلطان عبد الحميد.

- سراي البترون (مركز الدفاع المدني): أنشأه نعوم باشا سنة 1897 مركزا ً لقضاء البترون فوق واجهته الرئيسية كتابة تاريخية وشعار العلم التركي.

- سراي أميون (محتفظ بوظيفته): أنشأه نعوم باشا سنة 1897 مركزا ً لقضاء الكورة. فقد كتابته التاريخية.

- سراي أنفه (محتفظ بوظيفته): أنشأه مظفر باشا سنة 1904.

السراي الكبير في بيروت

هو اليوم مقر رئاسة الحكومة اللبنانية. لم يكن دارا ً حكومية بل "قشلة" (ثكنة عسكرية) للجيش العثماني. أمر ببنائه الوالي سليم باشا سنة 1851 وأضيف اليه الطابق الثاني بعد توسيعه في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. عرف ب "السراي الكبير" منذ 1917 حين اتخذه والي بيروت عزمي بك مقرا ً له، ووصف ب "الكبير" تمييزا ً عن "السراي الصغير" أو دار الحكومة (شمالي ساحة البرج). بقيت القشلة مركز بيروت العسكري الرئيسي طوال الحرب العالمية الأولى حتى اتخذه جنود الاحتلال الفرنسي مركزا ً لهم. وفي العام 1926 بعد اعادة تأهيل وترميم وزيادة غرف تحولت مكاتب بعد تقسيمها غرفا ً أصغر تحول المبنى مقر المفوض السامي الفرنسي فغاب اسم "السراي الكبير" ليحل مكانه اسم "المفوضية العليا". لكن السلطات المحلية استعادته عام 1946 وجعلت منه مقرا ً للحكومة مع الشيخ بشارة الخوري قبل أن ينتقل الى قصر القنطاري سكنا ً ومقرا ً للرئاسة فبات السراي الكبير مركز حكومة رياض الصلح فالحكومات المتعاقبة. وخلال أحداث 1976 أصابت القذائف السراي الكبير فشبت فيه الحرائق وأتت على معظم أقسامه الا الطابق الأرضي فانتقلت الحكومة الى مبنى الصنائع عام 1981. سنة 1993 انطلقت ورشة "اعمار بيروت" على عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري فبدأ ترميم السراي حتى منتصف آب 1998 وعادت الحكومة اللبنانية الى مقرها التاريخي في هذا الصرع الشامخ على التلة المشرفة على وسط بيروت مساحته. 2148 مترا ً مربعا ً واستغرق العمل على ذلك 900 يوم عمل مع 34 مهندسا ً لبنانيا ً و 1150 فنيا ً وعاملا ً: 39700 مترا ً مربعا ً على ثلاث طبقات وطابق سفلي وآخر تقني علوي باستخدام 15 ألف متر مربع من الحجر الرملي و 430 غرفة وصالونا ً وزينوا المبنى بفنون لبنانية وشرقية وزخرفوه ب 603 قناطر ووزعوا على واجهاته الخارجية 282 قنطرة و 197 عقدا ً مسننا ً و 6 عقود دائرية وشبابيك "مندلون" وبوابات رخامية متعاقبة حجارتها بين الأصفر والأحمر والأبيض. وأنشئت في الواجهات مداخل كبيرة وقناطر من حجر أصفر تتخللها نوافذ مستطيلة تعلوها قمريات صغيرة. وفوق احدى أجمل بواباتها المطلة على الباحة والنافورة عبارة طلب الرئيس الحريري حفرها: "لو دامت لغيرك لما اتصلت اليك".

Order
http://www.lebanonpostcard.com/en/beirut_memory_ayman_trawi/the_grand_serail.shtml