منذ أن دخل الاسلام لبنان في عهد الخليفتين الراشدين عمر
بن الخطاب وعثمان بن عفان، رضي الله عنهما، أخذت أماكن
العبادة للمسلمين، من جوامع ومساجد ومدارس، تنتشر في المدن
والثغور والحصون التي يقيمون فيها ويرابطون. ولم يقتصر ذلك
الانتشار على السواحل والأماكن المأهولة مثل عرفة، طرابلس،
جبيل، بيروت، صيدا، صور، بعلبك، مشغرة وعنجر... فحسب، بل
وصل الى قمم جبال لبنان في عكار، الضنية، الكورة، حدث
الجبة، المنيطرة، الشوف وجبال عامل.
ولا غرو، فقد بالغ المؤرخون والجغرافيون في وصف جبل لبنان
وقدسيته، فذهبوا الى أنه أحد جبال الجنة، وأنه أحد الجبال
الثمانية التي تحمل العرش، وأنه أحد أربعة جبال بني البيت
الحرام منها. فقال "ابن عباس": "ان آدم عليه السلام بنى
البيت الحرام من أربعة جبال، منها لبنان"، وعنه أيضاً قال:
"ان البيت الحرام بمكة أسس على خمسة أحجار منها حجر من
لبنان".
ومنذ منتصف القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) أخذت
جبال لبنان وسواحله تشهد سياحات الزهاد والعباد والمتصوفة
والنساك، وكثير منهم كان يجمع بين الزهد والرباط للجهاد،
فكانت جبال لبنان بما فيها من غابات ومغاور وكهوف وأودية،
وثمار مباحة، وعيون مياه عذبة، توفر ملاذاً مثالياً للزهاد
والصالحين والنساك المنقطعين للعبادة والمرابطة والغزو في
سبيل الله. وفي ذلك يقول "ابن شداد": "لبنان جبل معمور
بالأبدال والسياح المنقطعين الى الله تعالى عن الخلق، لما
فيه من الأشجار والأنهار وفيه سائر الحشائش ومنها يرتزق
الصالحون".
وحفلت المصادر بأخبار لقاءات المحبة التي كانت تجمع بين
الزهاد والعباد المسلمين والرهبان والنساك النصارى، وتبادل
المواعظ والحكم والأشعار بينهم، نذكر منهم "ابراهيم بن
أدهم"، و "ذو النون المصري".
وهكذا، فقد حبا الله لبنان بجمال الطبيعة، المقترن بصفاء
الروح وعظيم القيم التي تمثلها أماكن العبادة على تنوعها
وكلها تدعو للخالق المبدع الواحد.
وتنتمي أماكن العبادة الاسلامية في المناطق اللبنانية الى
مختلف العصور، يعود أقدمها الى العصر الأموي (بعلبك)، ثم
العصر الفاطمي (طرابلس) والعصر الأيوبي (بعلبك) وعهد
الفرنجة (صيدا) والعصر المماليكي (طرابلس، بعلبك، صيدا)
والعصر العثماني (طرابلس، بيروت، صيدا، وغيرها). وهي بين
جامع ومسجد ومدرسة وزاوية وتكية ومقام وغيره من أماكن يرفع
فيها الأذان وتقام فيها الصلوات.
وتأتي مدينة طرابلس - العاصمة الثانية - في مقدمة المدن
اللبنانية من حيث عدد المساجد والمدارس وأماكن العبادة
الاسلامية ومعظمها ينتمي للعصرين المماليكي والعثماني،
وكانت في سنة 1700م تبلغ 360 مسجداً ومدرسة بعدد أيام
السنة، بقي منها الى الآن في المدينة القديمة والميناء ما
يقرب من الخمسين، يتمتع كل منها بخصائص جمالية وفنية في
مآذنها، أبوابها، قبابها، محاريبها، منابرها، أحواض وضوئها،
عقودها، باحاتها، مصاطبها وحجارتها المتناوبة من الأسود
والأبيض، بما يعرف بالأبلق، مع الكتابات التاريخية، الخطوط
المنسوبة، النقوش والزخارف، المنمنمات، المقرنصات،
التجويفات، المدليات، المحارات، الشعاعات، الرنوك، الرخام
الملون، الرسوم وغير ذلك مما تذخر به عمارة طرابلس
الاسلامية، وهي تشكل متحفاً حياً ينبض بالحياة، تتجاور
مساجدها بالحمامات والخانات والأسواق والبيوت القديمة.
أماكن العبادة الاسلامية في بيروت
1- الجامع العمري الكبير- وسط بيروت
هو من أكبر الجوامع الموجودة في قلب بيروت، وقد أطلق عليه
هذا الاسم تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب. وقد عرف أيضاً
باسم جامع فتوح الاسلام. ويذكر بأن هذا الجامع حول في عهد
الفرنجة الى كنيسة، ثم قام السلطان صلاح الدين الأيوبي عام
583 ه/ 1187م باستعادته منهم. ولما أعاد الفرنجة احتلال
بيروت عام 593ه/ 1197م حولوه الى كاتدرائية بقيت في حوزتهم
حتى عام 690ه/ 1291م، فاستعاده المسلمون ثانية في عهد
الأمير سنجر مولى الملك الأشرف خليل بن السلطان قلاوون.
ومنذ ذلك التاريخ هو بيد المسلمين.
2- جامع السرايا - وسط بيروت
ويعرف أيضاً باسم جامع الأمير منصور عساف الذي أنشأه في
مدة امارته التي امتدت من نهر الكلب الى حماه البحري
(1552-1580). كما أطلق عليه اسم جامع دار الولاية. وسمي
بجامع السرايا لقربه من سرايا الأمير عساف أو دار الولاية،
نسبة للقصر الذي أنشأه الأمير فخر الدين المعني الثاني
أمير جبل لبنان وبيروت. وقد كان هذا القصر مركزاً للحكم في
بيروت. كما أشارت بعض المصادر الى أن نسبته للأمير محمد
عساف هي الأصح وهو محمد بن الأمير منصور عساف التركماني.
يقع هذا الجامع في قلب بيروت شرقي الجامع العمري الكبير
على مدخل سوق سرسق، وتجاه الزاوية الجنوبية الشرقية لبناية
بلدية بيروت.
3- جامع الأمير منذر (النوفرة)- وسط بيروت
بناه الأمير منذر بن سليمان التنوخي 1056ه/1620م والمتوفى
سنة 1020ه/ 1633م في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني.
وأطلق على جامع الأمير منذر اسم جامع النوفرة لوجود نافورة
ماء في صحنه.
يقع جامع الأمير منذر النوفرة في باطن بيروت غربي الجامع
العمري الكبير، ازاء باب ادريس وسوق الطويلة.
4- زاوية الامام الأوزاعي- وسط بيروت
تنسب هذه الزاوية الى الامام الأوزاعي الذي حل في بيروت،
وجعل من بيته زاوية للعلم والفقه منذ مطلع القرن الثاني
الهجري (سنة 101ه/719م). تقع هذه الزاوية في سوق الطويلة
في باطن بيروت، غربي زاوية الشيخ ابن عراق (التي ما تزال
معالمها موجودة)، وكان بجوارها سبيل ماء أنشىء سنة 935ه/
1529م تذكاراً للامام الأوزاعي. هذه الزاوية هي غير جامع
الأوزاعي المعروف قديماً في منطقة "حنتوس" على باب بيروت
الجنوبي التي عرفت فيما بعد بمحلة الأوزاعي. توفي الامام
الأوزاعي في زاويته عام 157ه/ 774م في أخر خلافة أبي جعفر
المنصور. غير أن أهل بيروت صاحبوا جثمانه الشريف من باطن
بيروت الى ظاهرها حيث منطقة الغوابي والأحراج والرمول
المعروفة باسم حنتوس. ولا تزال زاوية الامام الاوزاعي في
منتصف سوق الطويلة، غير أن الحرب اللبنانية منذ عام 1975
أتت على معالمها. وسيعاد بناؤها في موقعها السابق ان شاء
الله تعالى.
5- جامع الدباغة (أبو بكر الصديق رضي الله عنه)- وسط بيروت
من الملاحظ أن جامع الدباغة عرف في بيروت باسم الجامع
العمري الشريف، وهو غير الجامع العمري الكبير، وقد أشار
الشيخ الرحالة عبد الغي النابلسي، بأنه سمي بهذا الاسم
لأنه بني زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه). كما
أطلق عليه اسم جامع البحر لقربه من البحر. أما تسميته باسم
جامع الدباغة فلقربه من الدباغة التي كانت تدبغ فيها
الجلود ومشتقاته. يقع هذا الجامع في تاجهة الشرقية لمناء
بيروت أمام باب الدباغة وهو جامع مرتفع عن الأرض يصعد اليه
بدرج وتحته عدة مخازن. وهو قديم البناء أنشىء عام 693ه/
1294م، وقيل عام 743ه/ 1343م. قامت بلدية بيروت في عهد
الانتداب الفرنسي بهدمه بداعي توسيع الطرقات، ثم ما لبث أن
أعيد بناؤه عام 1352ه/ 1932م، وقد أطلق عليه منذ ذلك
التاريخ اسم جامع أبو بكر الصديق (رضي الله عنه). تضرر في
فترة الأحداث اللبنانية 1975/ 1990، ثم أعادت المديرية
العامة للأوقاف الاسلامية ترميمه وافتتح للصلاة عام 1420ه/
1999م.
6- مسجد محمد الأمين - وسط بيروت
في قلب ساحة الشهداء المتصلة بساحة رياض الصلح. طرازه
اسلامي عثماني وعربي. فيه فراغ مركزي تغطيه قبة تشمل كل
مساحته (9778م2 بما فيها الطوابق السفلية والميزانين). له
ثلاثة مداخل (شرقي، شمالي، غربي). الدخول اليه عبر ردهة
خارجية من ساحة الشهداء، أو من ناحية الشمال عبر مدخل
محوري باتجاه القبلة، فيه خدمات الوضوء. له 4 مآذن (بارتفاع
65م.)، ارتفاع سقفه نحو 16م.، وعند القبة الرئيسية نحو 20
م. يتسع للمصلين حتى 6250، ويتسع الطابق الأرضي حتى 4200.
في حرمه ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري (استشهد في
14/2/2005).
7- جامع المجيدية- وسط بيروت
كان هذا الجامع أصلاً قلعة من قلاع بيروت البحرية، وبرجاً
هاماً من أبراجها. وكانت هذه القلعة مشرفة على البحر
وملاصقة له في باطن بيروت في محلة ميناء الخشب. وقد
استخدمت الأماكن الأرضية للقلعة مخازن للتجار، لا سيما
تجار الخشب. ويتصل هذا المسجد بنهاية سوق الطويلة المعروف.
أطلق على هذه القلعة بعد تحويلها الى مسجد اسم جامع
المجيدية أو الجامع المجيدي نسبة للسلطان عبد المجيد خلال
ولايته(1839-1861م) الذي تحول في عهده من قلعة الى جامع،
حيث قام المسلمون في بيروت بمعية السلطان عبد المجيد،
فجمعوا المال وعمروا القسم الغربي منه حوالي سنة 1257 ه/
1841م، وقد سمي منذ عام 1260ه/ 1844م الجامع المجيدي. ثم
جدد له الصحن والسقف وفتح له باب يطل على جادة المرفأ، يصل
المسجد بسلم حجري صخري، وهو مشرف أيضاً على البحر. وفي
العام 1840م أطلقت الأساطيل الأوروبية المتحالفة:
البريطانية والروسية والنمساوية مدافعها على سور هذه
القلعة قبل أن يتحول الى جامع، وذلك عند حصار هذه الأساطيل
لبيروت ابان حربها ضد الجيش المصري. وكانت آثار هذه القصف
في أوائل القرن العشرين ظاهرة في الجدار الشمالي. دمر
المسجد أثر الأحداث اللبنانية 1975- 1990، وقد قامت
المديرية العامة للأوقاف الاسلامية بترميمه من جديد،
وأضافت مئذنة عالية الى جانب مئذنته القديمة.
8- مسجد عين المريسة
أقيم هذا المسجد في أواخر القرن الماضي وبالتحديد في عام
1305ه/1887-1888م، طبقاً لما جاء في النص أعلى الباب
بالواجهة الشمالية للمسجد. وقد قام بالانشاء السادة:
المرحوم عبد الله بيهم والمرحوم الشيخ محمد الهبري، أما
الأرض فقد قدمت هبة من المرحوم الشيخ محمد علايا مفتي
الجمهورية اللبنانية فيما بعد.
وقد جددت مديرية الأوقاف المسجد والصحن في عام 1951م. كما
أقيم الباب المعقود بالسور الخارجي، الذي نقل من جامع
الأمير عساف. كان في المسجد بركة مياه بالركن الشرقي من
الصحن الشمالي المطل على البحر. جدد المسجد تجديداً حديثاً
في السنوات الأخيرة، مع الحفاظ على طابعه التراثي، وقد بات
مدخل المسجد الرئيسي من الجهة الشمالية البحرية بعد أن شقت
بلدية بيروت الطريق الساحلي (الأوتوستراد).
9- مسجد ومقام الامام الأوزاعي
تقع محلة الأوزاعي (حنتوس سابقاً) على حوالي أربعة
كيلومترات جنوبي مدينة بيروت، ولذلك عرف مسجدها في أول
الأمر بمسجد حنتوس. وقد أقام الامام الفقيه أبو عمرو عبد
الرحمن بن عمرو الأوزاعي في زاويته في باطن بيروت، في
الشارع المعروف باسم سوق الطويلة. ولما توفي نقل أهل بيروت
جثمانه الشريف ليدفن في جانب من جوانب جامع حنتوس في عام
157ه/774م.
وقد ألحق بالزاوية سبيل أقامه سليمان الصوباشي الكاتب
ببيروت عام 935ه/ 1529م. كما أقيم تجاه زاوية الأمام
الأوزاعي في باطن بيروت زاوية ابن عراق التي ما تزال قائمة
حتى الآن. أما المسجد الذي في محلة الأوزاعي فهو يتكون من
جزئين، أحدهما قديم، والآخر حديث في الجهة الشرقية منه،
وبالقرب من هذا المبنى أقيم مسجد جديد باسم مسجد الامام
الأوزاعي في عام 1375ه/1954م.
أعادت المديرية العامة للأوقاف الاسلامية ترميم المسجد
القديم ومئذنته الأثرية القديمة، وادخال تحسينات عليه.
10- مسجد المصيطبة
أقيم هذا المسجد في محلة المصيطبة في عام 1302ه/ 1884م،
وموقعه بالقرب من دارة الرئيس صائب سلام، وقد ساهم في
نفقات انشائه الوالي أحمد حمدي باشا والي سوريا، في عهد
السلطان عبد الحميد الثاني، بالاضافة الى التبرعات التي
جمعت من أهالي مدينة بيروت المحروسة.
11- مسجد رأس النبع
أنشأ هذا المسجد المرحوم عمر الغزاوي في بيروت في عام
1299ه/1882م. وقد أفاد بعض كبار السن من البيارتة بأن
المبنى كان يحتوي في السابق على بركة للمياه في الفراغ
الشمالي أمام المسجد. وقد أجريت في المبنى اصلاحات واضافات
خلال عام 1397ه/1977م.
12- مساجد أخرى في بيروت
مسجد البسطة التحتا، مسجد البسطة الفوقا، مسجد المصيطبة،
مسجد برج أبي حيدر، مسجد رأس النبع، مسجد الصيداني في رأس
النبع، مسجد علم الشرق - الأشرفية، مسجد البرجاوي، مسجد
الحرج (الحلبوني وحوري)، مسجد الامام علي (كرم الله وجهه)
في الطريق الجديدة، جامع رمل الزيدانية، جامع القصار، جامع
عائشة بكار، جامع محمد الأمين، جامع زقاق البلاط، جامع عين
المريسة، جامع الحمراء، جامع الحسنين - الأشرفية، جامع
قريطم، جامع مكاوي (شارع حمد)، جامع شاتيلا، جامع شهاب،
جامع الداعوق، جامع الخلية السعودية، جامع خالد بن الوليد
- الكرنتينا، جامع الخضر عليه السلام، جامع ومقام
الأوزاعي، جامع الشهداء، جامع الخاشقجي، جامع الحوري، جامع
عماش، جامع جمال عبد الناصر، جامع الدنا. ومن بين المساجد
الأخيرة ما هو مستحدث بعد العهد العثماني، وبعضها أقيم منذ
سنوات قليلة.
أماكن العبادة الاسلامية في الشمال
قضاء الكورة وزغرتا
1- جامع البحر- القلمون
على بعد نحو 6 كيلومترات جنوبي طرابلس، على ساحل البحر،
يقوم جامع قديم يعرف بجامع البحر، وهو حسب الروايات
المتواترة على ألسنة أهل القلمون يعود الى ما قبل 800 سنة
من الآن، يؤكد ذلك لوحة حجرية نقش عليها 3 أسطر على الحائط
بجانب المنبر، وفيها أنه أنشىء في سنة 527ه/1132م أي أثناء
حكم الفرنج الصليبيين لساحل الشام، وجرى تجديد بنائه على
يد الشيخ علي منى الله البغدادي المتوفى في 1192ه/ 1778م.
ويتألف الجامع من أسطوانين متسعين، وقد بنيت جدرانه
بالحجارة الرملية مثل مساجد طرابلس، ويحيط بالطرف العلوي
من الجدار الخارجي افريز ناتىء مزين بالزخارف الهندسية.
وترتفع فوق الجامع مئذنة حديثة. وفي بيت الصلاة محرابان.
وفي هذا الجامع كان الامام العالم الشيخ محمد رشيد رضا
يعتكف للتأليف ونشر "المنار".
2- مصلى عين الجامع
- القلمون
يقع على ساحل البحر، جنوبي الجامع البحري، وهو حسب
المتواتر عند أهالي القلمون يعود الى فترة الحروب
الصليبية، أنشأه المسلمون عند عين ماء كانوا يرابطون
عندها، وتحول المكان الى مصلى وجامع وسمي بجامع العين. لا
يزال محرابه قائماً في واجهته القبلية، وقد حولت احدى
الجمعيات هذا المكان الى مدرسة للتعليم الديني.
3- جامع بشمزين
- الكورة
بجوار كنيسة بشمزين، في الكورة، يقوم جامع البلدة الصغير،
في حي هادىء، وسط غابة من أشجار الصنوبر، يقول أهالي
البلدة انه بني منذ مئات السنين، وعلى بعد عشرات الأمتار
مقبرة للمسلمين بها قبة وضع عليها رخامة باسم جمال الدين
شيحة، وتحمل تاريخ 1287. وهذا الاسم يعود لأحد الأمراء
المذكورين في السيرة الشعبية للسلطان الظاهر بيبرس. أما
التاريخ المدون فهو قبل سنتين من تحرير طرابلس من الفرنج
على يد السلطان منصور قلاوون (1289م) وقد جدد بناء الجامع
قبل أربع سنوات فقط من الآن، ورفعت فوقه قبة ومئذنة ضخمة.
وهو بموقعه القريب من كنيسة يؤكد على أواصر المحبة بين
المسلمين والنصارى، وتجاور العيش في ظل الايمان بالله
الواحد.
4- جامع بربر في ايعال - زغرتا
على بعد نحو 5 كلم شرقي زغرتا في قضاء زغرتا الزاوية، وفي
قرية ايعال الهادئة المسترخية بين أشجار الزيتون، يقوم
جامع متسلم طرابلس مصطفى آغا بربر الذي بناه فوق رابية
بجوار قلعته الحصينة، وقد بناه سنة 1230ه/ 1814م كما هو
منقوش فوق بابه، وهو تاريخ انجاز بناء القلعة أيضاً. وفي
جانب الجامع يوجد قبر مصطفى بربر الذي حكم ولاية طرابلس
ولاذقية العرب، على فترات، بلغت30 عاماً.
قضاءا طرابلس، المنية الضنية
من معالم طرابلس الاسلامية
1- الجامع المنصوري الكبير
أكبر جوامع طرابلس ولبنان على الاطلاق. أمر ببنائه السلطان
الأشرف خليل بن قلاوون في 693ه/ 1294 في محلة النوري. وبنى
السلطان الناصر محمد بن قلاوون رواقاته المحيطة بفنائه
الخارجي سنة 715ه/ 1315م وله أربعة أبواب، اثنان في جهة
الشرق، وواحد في جهة الغرب، وواحد في الجهة الشمالية وهو
الأكبر والمزخرف ويحمل الكتابة التاريخية، وفوقه المئذنة
ذات الطبقات الأربع، المغربية الطراز. وللجامع محرابان:
كبير وصغير، ومنبر خشبي بأشكال هندسية بديعة أمر بانشائه
الأمير شهاب الدين قرطاي 726ه/1326م وفي وسط باحة الجامع
حوض الوضوء والمصلى تعلوه قبة من الحجر الرملي. وعند الباب
الغربي من الخارج برج دفاعي لحماية الجامع. وتحت الرواق
الغربي غرفة الأثر النبوي الشريف حيث توضع شعرة من لحية
الرسول صلى الله عليه وسلم يزورها المؤمنون في شهر رمضان.
2- جامع طينال
على بعد 3 دقائق سيراً من "ساحة النور" المدخل الجنوبي
لطرابلس يقع أجمل وأفخم جوامع لبنان هو جامع "الأمير سيف
الدين طينال الحاجب"، بناه عام 736ه/ 1336م بظاهر المدينة
وسط بساتينها، وقد أحاط به العمران الآن. وهو يتألف من
باحة رخامية بجانبها 4 حجرات كانت مجالس لقضاة طرابلس في
عصر المماليك: القاضي الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي.
وللجامع بيتان للصلاة، الأول تعلوه قبة ضخمة تقوم على 4
تيجان بيزنطية كورنثية، فوق 4 أعمدة ضخام من الغرانيت
المجلوبة من مصر الفرعونية. ويكسو الرخام أرضية الحرم
بأشكال هندسية. وبين بيتي الصلاة بوابة هي الأروع بزخارفها
ونقوشها وبهائها وتضاهي أجمل بوابات مساجد القاهرة
المملوكية. أما بيت الصلاة الثاني ففيه المحراب والمنبر
الخشبي من عمل المعلم محمد الصفدي 736ه/ 1336م. وتعتبر
مئذنة طينال فريدة من نوعها في العالمين العربي والاسلامي،
فيها سلمان حجريان فوق بعضهما يفضي أحدهما الى خارج
الجامع، والآخر الى داخله، ولا يلتقي الصاعدان فيهما
أبداً. وهي في بنائها تشبه القلعة أو قطعة "الرخ" في رقعة
الشطرنج.
3- جامع البرطاسي
من أجمل مساجد ومدارس طرابلس المملوكية، في محلة باب
الحديد، على الضفة الغربية من النهر، يمكن الوصول اليه من
قلعة طرابلس خلال أقل من 5 دقائق مشياً. بناه الأمير "عيسى
بن عمر البرطاسي الكردي" حول 710ه/ 1310م ليكون مدرسة
لطلبة العلم ومسجداً. ويجمع في بنائه عدة خصائص معمارية،
فمئذنته أندلسية الطراز، تقوم فوق قوس مجوف نصف دائري بحيث
جاء بناؤها الضخم اعجازاً يتحدى نظرية الأثقال والفراغ.
ويتميز محرابه عن كل محاريب لبنان بالفسيفساء المذهبة
والمنمنمات التي تشكل كأساً تخرج منها أغصان نباتية مورقة
تذكرنا بواجهة الجامع الأموي بدمشق. ويتميز الجامع بقبته
الضخمة، وتحتها بركة الوضوء المرخمة.
4- جامع العطار
في الطريق بين "خان الخياطين" و"سوق حراج" يقوم جامع "بدر
الدين العطار" الذي بناه باشراف كبير المهندسين في عصره
أبي بكر بن البصيص البعلبكي حول سنة 716ه/ 1316م ونقش اسمه
فوق بابه الغربي، وتم توسيع الجامع وبناء منبره الرخامي
الملون، والباب الشرقي عام 751ه/ 1350م، على يد المعلم
"محمد بن ابراهيم المهندس". وللجامع باب ثالث في الجهة
الشمالية، وفوقه ترتفع المئذنة الضخمة. ويعتبر الباب
الشرقي أجمل أبواب الجامع. في أعلاه تربيعة رخامية رائعة
من الزخارف والمنمنمات والأشكال الهندسية والألوان
المختلفة.
5- جامع التوبة
هو صورة مصغرة عن الجامع المنصوري الكبير، يقع في محلة
الدباغة قرب خان العسكر، أمر ببنائه السلطان الناصر"محمد
بن قلاوون" قريباً من تاريخ بناء الرواقات في الجامع
الكبير 715ه/ 1315م، وله فناء خارجي تتوسطه بركة للوضوء
أزيلت منذ سنوات قليلة، ولا زالت قبتها قائمة فوق 4 أعمدة.
وتقوم المئذنة عند الزاوية الجنوبية الغربية من الرواق.
وللجامع بابان: شرقي وشمالي. وفيه كتابتان: الأولى عند
المدخل الجنوبي للرواق من عهد السلطان المملوكي "المؤيد
شيخ المحمودي" سنة 817ه/1413م. والثانية في العصر العثماني
أيام والي طرابلس "حسين بن يوسف باشا سيفا" وهي تؤرخ
لاعادة بنائه 1021ه/1613م.
6- جامع سيدي عبد الواحد
أصغر مساجد طرابلس المملوكية، شرقي سوق العطارين، بناه
"عبد الواحد المكناسي" من المغرب 705ه/ 1305م. وأرخ له في
لوحة نقشت بالخط المغربي. يتميز بمئذنته الصغيرة الحجم
القليلة الارتفاع، وقبته المتواضعة فوق محرابه المغربي
الطراز. كان يتألف من بيت للصلاة وفناء خارجي تتوسطه بركة
الوضوء، أزيلت قبل ربع قرن من الآن، وسقف الفناء، وضم الى
بيت الصلاة. يقوم على يمين مدخل الجامع مقام "عبد السلام
المشيشي" أحد المتصوفين. لا يزال الناس يضعون أغصان الآس
في نافذته المطلة على الطريق، وفوق الجامع رواق فيه عدة
غرف يسكنها المغاربة حتى الآن.
7- جامع أرغون شاه
في محلة "صف البلاط" في الطريق المؤدية الى مقبرة باب
الرمل الرئيسية بطرابلس، جامع الأمير "أرغون شاه" بناه في
مدة نيابته بين 796-800ه/ 1393-1400م. يتميز بمئذنته
الأسطوانية بخلاف المآذن المملوكية المربعة الأضلاع. وهي
فوق الباب الشرقي الذي يحمل نص مرسوم صادر عن السلطان
قايتباي تاريخه 880ه/1475م وللجامع باب غربي. 8- جامع
الطحام
- تابع