في شمال لبنان جبل شامخ مهيب، على صخره حفرت المسيحية منذ
مطلعها تاريخها الطويل معابد وصوامع نسك. وفي سكونه الخاشع
المستوحد، وجدت الحياة الرهبانية والنسكية عبر العصور أحد
أفضل أماكنها للصلاة والتأمل والخشوع والانصراف الى عبادة
الله، في مغاور طبيعية نادرا ً ما مستها يد الانسان، وأخرى
محفورة للتقوى والاماتة، حيث الحياة انصراف الى حوار صامت
دائم للقاء وجه الله.
الوادي المقدس (المعروف بوادي قاديشا) يتردد في حنواته صدى
سكونه، وينفتح على أقدام مدينة بشري عميقا ً، تتماوج فيه
تعرجات صغيرة وكثيرة تنتهي به الى البحر. وكلمة قاديشا
سريانية الجذر، تعني المقدس، ومن هنا تسميته الوادي المقدس،
بسبب وهاد فيه هائلة العلو، يطل منها أكثر من جرف وعر شديد
التحدر، وقد ينبجس منه شلال تجمعت مياهه من ذوبان الثلوج.
في بطون هذا الوادي، مغاور كثيرة في أفواه الصخور، سكنها
النساك الأقدمون منذ أيام الرومان (القرن الثالث). وفي
القرون الوسطى، بنيت فيه كنائس وصوامع ومناسك وأديار
منحوتة في الصخر، سكنها رهبان وزهاد من جميع المذاهب،
بينهم صوفيون مسلمون انسحبوا اليها كي يعيشوا حياة انكفاء
وتأمل، وصلوات بالعربية واليونانية والسريانية والاثيوبية.
1. دير سيدة قنوبين - وادي قنوبين
في هذا الاطار الطبيعي المهيب والجميل والبري معا ً، وبين
ضيعتين متواضعتين (بلوزا والديمان) يقوم دير سيدة قنوبين (قنوبين
= دير باليونانية)، عابقا ً بالتقوى والايمان حتى أعطى
اسمه لجزء من وادي قاديشا. كان من القرن الخامس عشر حتى
التاسع عشر مقر البطريركية المارونية. كنيسته أنيقة
البساطة والتقشف، محفورة في قلب الصخر، فيها جدرانيات تعود
الى القرنين الماضيين، أبرزها جدرانية تتويج العذراء،
وتحتها كتابة بالسريانية: "هلمي معي من لبنان، يا عروس من
لبنان، كي يليق بك التاج" (من نشيد الأناشيد)، وقد ظهر فيه
تسعة بطاركة في ثياب المهابة والكهنوت. وعلى مسافة قصيرة
من الدير، كنيسة القديسة مارينا (وفيها رفات 18 بطريركا ًً
مارونيا ً). ومارينا، بحسب الروايات، اتهمت جورا ً وهي
بريئة، فأمضت في هذا المكان بقية حياتها للتكفير عن خطيئة
لم تقترفها، ثم تكرست لاحقا ً عرابة روحية للوادي.
2. دير مار اليشاع - وادي قنوبين
مبني في فجوة صخرية كبيرة أنشأ فيها الزهاد غرفا ً لهم
وخلايا، ورد ذكرها في كتابات رحالة زاروه في القرنين
السابع عشر والثامن عشر. كنيسته، في جوف الصخر، تنقسم
أربعة مذابح صغيرة محفورة في الصخر. لم يذكر أحد تاريخ
بنائه السحيق، لكن الثابت أن أسقفا ً مارونيا ً سكنه في
القرن الرابع عشر، وأن فيه ولدت الرهبانية المارونية
اللبنانية عام 1695.
3. دير مار سركيس - وادي قنوبين
هو في صدر الوادي المقدس حيث لا يتوقف الحوار مع الله،
داخل معابد تعبق بالصلاة والخشوع، وتجمع الانسان بالخالق.
وهذا الدير كان قبرا ً، لم يبق منه سوى مذبح على فوهة في
قلب الصخر. وهو ساكن في ظلال سنديانات عتيقة تضفي عليه جوا
ً من الصمت والخشوع والصفاء مثاليا ً للتأمل والصلاة.
4. دير الصليب - وادي قنوبين
في سبحة الأديار والكنائس داخل الوادي المقدس، يلفت دير
الصليب بمغائره المحفورة في الصخر حتى ليصعب الوصول اليها
بالحبال والسلالم، فيها قسوة حياة عاشها نساك لا رفيق لهم
سوى وجه الله. ولا تزال في بعضها كتابات (بعضها من القرن
الثالث عشر) وجدرانيات غير واضحة، منها الخلقدوني ومنها
العربي والسرياني، تحتتت مع الوقت أو تعرضت للتخريب. وكان
دير الصليب يجتذب اليه الزهاد والنساك من جميع الأقطار،
حتى بات معلما ً رئيسيا ً من معالم العبادة المسيحية في
لبنان.
5. كنيسة سيدة حوقا - وادي قنوبين
تشكل، مع بعض الحجرات الصغيرة داخل تجويف صخري، ديرا ً
يرجح المؤرخون بناءه في أواخر القرن الثالث عشر. يظل
مهجورا ً معظم أيام السنة، ويؤمه المؤمنون الى قداس
احتفالي عشية عيد انتقال السيدة العذراء الى السماء (14 آب).
6. دير مار أنطونيوس قزحيا - وادي قزحيا
من أقدم أديار الوادي المقدس، وهو نموذج للحياة النسكية. "قزحيا"
(صيغة لاسم اشعيا) تعني بالسريانية "كنز الحياة"، أي
المسيح، الذي لا يجده الرهبان الا حين يتخلون عن متع
الحياة الأرضية وينصرفون بالتجرد والزهد الى الصلاة، وسط "ماء
الحياة" المتدفق باستمرار في سرير الوادي المهيب. يتميز
هذا الدير بموقعه العجيب. يعود بناؤه الى مطلع القرن
الخامس، ابان انتشار الحياة النسكية في تلك المنطقة. فيه
نشأت أول مطبعة في الشرق (نحو عام 1585) صدر عنها أول كتاب:
المزامير (نحو عام 1610 وما زالت نسخة منه محفوظة في مكتبة
جامعة الروح القدس- الكسليك)، ثم عدد من الكتب الليتورجية
والدينية. كنيسة الدير من عمل الطبيعة والانسان معا ً:
مغارة طبيعية محفورة في الصخر، حجرها وردي كأنه مغمس في
الرصاص لا في الكلس، في قسمها الأعلى قناطر مرتكزة على
اثنتي عشرة قاعدة وردية تستند الى مقاعد من نحاس. وتنتأ عن
الجرف قليلا ً واجهتها ذات العمد، وبوابتها المهيبة،
وقبتها المثلثة الأجراس. وفي الصخر أيضا ً غرف صغيرة كأنها
أعشاش طيور أوى اليها في الماضي السحيق نساك كانوا سكارى
بالله. وفي الدير أيضا ً مغارة معروفة محليا ً ب "مغارة
المجانين" (الممسوسين والمسكونين بالهواجس والشياطين)،
يؤتى بهم كي يشفيهم القديس أنطونيوس. ولا تزال فيها حتى
اليوم بقايا سلاسل كانت تقيد أقدام المرضى.
7. دير السيدة - الديمان
على مسافة قصيرة من بشري وحصرون وبقرقاشا، وبين أشجار من
الأرز والسرو، تقوم الديمان، وفيها دير السيدة العذراء،
المقر الصيفي للبطريركية المارونية: قرميد أحمر، جرس كبير
يخترق صوته الوادي، قناطر جميلة، وباحة واسعة مطلة على
وادي قاديشا. في كنيسته جدرانيات رائعة للفنان اللبناني
صليبا الدويهي.
8. كنيسة مار ماما - اهدن
تعود الى سنة 748 على أنقاض معبد وثني مقدوني مهدى الى اله
الشمس. هي من أقدم الكنائس المارونية في لبنان. فيها جناح
رئيسي وآخر جانبي. على جدرانها صلبان ونقوش، بعضها
باليونانية ويعود تاريخها الى سنة 494 (مطلع ولاية
الاسكندر المقدوني). وفيها جرن معمودية بشكل جرة كبيرة في
الحائط. و"مار ماما" (260-275) شفيع الرعاة والممرضات، كان
في الخامسة عشرة حين قتله في قيصرية كابادوقيا جنود
الأمبراطور الروماني أورليانوس خلال حملة اضطهاده
المسيحيين.
9. سيدة المراحم - مزيارة
مزار كبير حديث، في موقع طبيعي جميل، مكرس للسيدة العذراء،
قدمه مؤمن لبناني، يعلوه برج متوج بشخص العذراء مريم، في
أسفله تماثيل بقياس طبيعي لفقرات من الانجيل (الاثني عشر
رسولا ً، معمودية المسيح، الهروب الى مصر، عرس قانا،
العشاء السري، وغيرها) وتخدم المزار راهبات القربان الأقدس.
10. كنيسة مار جرجس - اهدن
عن مراجع تاريخية قديمة أنها من أقدم كنائس لبنان
المارونية وأفخمها. تعود الى مطالع المسيحية في لبنان،
ومبنية بحجارة هياكل اهدن الوثنية. ويرجح العلامة الأب
هنري لامنس أن ترقى "الى عهد يوستيانيوس أو مهندسين
اعتمدوا طريقة بنائه". فيها ثلاث كتابات قديمة: يونانية
مطموسة الا سطرين جاء فيهما أنها "مبنية سنة 584 للاسكندر
الموافقة 272 للمسيح"، والكتابتان الأخريان بالسريانية.
وعلى أنقاض هذه الكنيسة القديمة، بنى الاهدنيون سنة 1855
كنيسة جديدة سعى اليها وكيل الوقف يومئذ حبيب بك كرم.
وأوقفوا العمل فيها خلال أحداث 1860 ليستأنفوا البناء سنة
1870 وينجزوه سنة 1880. وبنى قبتها المعلم بولس ابن
الشدياق جرجس يمين سنة 1898، مرتفعة 16 مترا ً عن سطح
الكنيسة.
11. سيدة الحصن - اهدن
في الشمال الغربي من اهدن، على تلة شاهقة مهيبة الانحدارات
تشرف على معظم شمال لبنان وبعض الأراضي السورية، بنى
الاهدنيون القدامى حصنا ً منيعا ً تتوجه اليوم كنيستان
مارونيتان على اسم العذراء "سيدة الحصن"، واحدة قديمة
والأخرى حديثة.
1- كنيسة سيدة الحصن القديمة: بناها الاهدنيون معبدا ً
للعذراء شفيعتهم لتكون حصنهم وملجأهم. هدم المماليك الحصن
والكنيسة سنة 1283، فأعاد الاهدنيون بناء الكنيسة من حجارة
الحصن المهدوم، واستعادوا بناءها بعد زلزال سنة 1705.
وعادوا فرمموها سنة 1836 بعد خراب ذكره الرحالة والشاعر
الفرنسي لامرتين لدى زيارته المنطقة سنة 1833.
2. كنيسة سيدة الحصن الجديدة: مقام مريمي كبير يحاذي
الكنيسة القديمة تم تدشينه سنة 1989. طرازه هندسي غير
تقليدي: كنيسة واسعة مستديرة، تعلو مخروطيا ً لتتكلل
بتمثال كبير أبيض للسيدة العذراء باسطة يديها (صنع في
ايطاليا). وهي ذات عجائب وتستقطب الزوار والمؤمنين طالبي
النعم والبركات، خصوصا ً في الأسبوع الأول من أيلول لغاية
الثامن منه (عيد مولد العذراء).
12. دير مرت مورا - اهدن
هو مهد الرهبانية اللبنانية المارونية، في أسفل اهدن جنوبا
ً، فوق قرية عينطورين. يعود بناؤه الى سنة 1339 (كما هو
مذكور في حاشية من انجيل كان موجودا ً في كنيسة بجه من
بلاد جبيل، أيام البطريرك الدويهي). تسلمه المؤسسون
جبرائيل حوا وعبد الله قرأعلي ويوسف البتن من البطريرك
اسطفان الدويهي في أول آب 1695، ورمموه وأحاطوه بسور
وجعلوه أول مقر للرئاسة العامة. دامت خلوتهم فيه ثلاث
سنوات اختبروا خلالها الحياة الرهبانية المشتركة. ظلت
مسؤولية ادارته مداورة ً بين المؤسسين حتى 1701 حين هجروه
فأصبح مهجورا ً لم يبق منه اليوم سوى قبوين متلاصقين
ومعقودين بالحجارة. ولا تزال فيه آثار القلالي التي بناها
الرهبان سنة 1695. وحفاظا ً على الحضور الرهباني في
المنطقة، تسلمته الرهبانية اللبنانية المارونية في 17
كانون الثاني 1995 (يوم عيد القديس أنطونيوس الكبير) بناء
ً على اتفاق مع الأبرشية البطريركية المارونية (نيابة
زغرتا) لتحيي تراثه الرهباني العريق.
13. دير مار سركيس وباخوس (دير رأس النهر) - اهدن
يرقى الى القرن الثامن. تابع للرهبانية الأنطونية. من أقدم
الأديرة اللبنانية، مبني على أنقاض هيكل وثني. كان معبدا ً
صغيرا ً فيه غرف سفلية ضيقة مظلمة كصوامع الحبساء الأولين.
في جواره نبع مار سركيس المشهور بمياهه العذبة وبرودته
النادرة، من هنا تسميته ب "رأس النهر". رممه المطران بولس
يمين سنة 1404 وأصبح سنة 1473 مركز مطرانية اهدن. لم يبق
منه أثر، وفيه بقايا من كنيستين قديمتين (في الجهة الشرقية
من الطابق الأرضي). رممه البطريرك أسطفان الدويهي الذي كان
على مذبحه تلقى الترقية الكهنوتية في 25 آذار 1656 بعد
عودته من روما حاملا ً العلوم العالية في الفلسفة واللاهوت.
واشتهر عنه أنه رفض مغريات الجامعات في الخارج، ورفض
التنازل عن تراثه اللبناني الماروني السرياني واستبداله
بالتراث اللاتيني. وذكر فؤاد افرام البستاني أنه فضل لبنان
على ايطاليا، واهدن على روما، ومدرسة القرية على جامعات
العالم، ومقاعد الحجارة تحت السنديانة والجوز والشربين على
منابر الجامعات. وبعد سيامته كاهنا ً فتح مدرسة في دير مار
سركيس رأس النهر. وسنة 1739 سلم الدويهيون الدير الى
الرهبانية الأنطونية بموجب صك، بعد زيادة طابق جديد عليه.
وفي هذا الدير اليوم وثائق ومخطوطات تروي تاريخه وتاريخ
البطريرك الدويهي ونشاطاته.
قضاءا الكورة والبترون
1. كنائس أميون
في أميون، قلب الكورة المتمددة على تلة من الزيتون، كنائس
عدة تشهد على تعاقب الفترات التاريخية فيها. أبرزها: كنيسة
مار جرجس المبنية على أنقاض معبد وثني قديم، رممها
المؤمنون في الفترة الصليبية، يمتد منها نفق عميق كان
يصلها بمغارة محاذية لكنيسة مار يوحنا، لكنه تهدم بعوامل
طبيعية. أما كنيسة مار يوحنا فمتطربشة بالقرميد الأحمر،
على جبين جرف صخري شاهق منخور بنخاريب كقفران نحل كانت
مدافن فينيقية ثم رومانية استخدمها لاحقا ً بعض النساك
للانقطاع فيها الى حياتهم النسكية.
وفي أميون أيضا ً كنيسة مار فوقا في حي سكني، تعود الى
العصر الصليبي، وهي شهيرة بجدرانيات فيها، احداها تمثل
المسيح نازلا ً الى الجحيم ومادا ً يده لانقاذ آدم وحواء.
وعلى أعمدة الكنيسة رسوم للمسيح ومار فوقا وسمعان العمودي
وعدد آخر من القديسين.
2. دير سيدة حماطورا - كوسبا
هو في قلب صخرة عالية على تخوم أميون وكوسبا. يقصده
المؤمنون مشيا ً في طريق وعرة يخفف من هولها منظره وموقعه
الأخاذ. يضم رسوما ً على الطراز الأرثوذكسي من القرون
الوسطى ظهرت بعد حريق اندلع فيه مطلع التسعينات.
3. دير السيدة ومار جاورجيوس - بلمند
طرازه سيسترسي حول رواق مكشوف. عمره ثمانية قرون، يقوم على
تلة فوق طريق طرابلس الدولية. بناه الرهبان السيسترسيون
أول دير لهم وراء البحار، وأعطوه اسم (بيل مون) (التل
الجميل). اليوم معروف بالبلمند. وهو معلم روحي عريق
للكنيسة الشرقية، شعاره قول المسيح: "تعرفون الحق، والحق
يحرركم". يضم مكتبة عريقة تحوي مخطوطات نفيسة، فيه فاصلان
أيقونيان، وأيقونات نادرة وضعها فنانون أيقونيون من عدة
بلدان، عبر عدة مراحل تاريخية، فأثروا التراث الأيقوني في
هذا الدير العريق. كنيسته ذات جناح وحيد ينتهي بصدر واسع
ذي غرفتين مستطيلتين. فاصلها الأيقوني من خشب منحوت (مقدونيا
أواخر القرن السابع عشر)، لم يشتغل فيه الفنانون المحليون
الا قليلا ً. جرسها قوطي الطراز، وهو الجرس الحجري الوحيد
في الشرق الأوسط. الى كونه واحة صلاة، يشع اليوم مركزا ً
ثقافيا ً أكاديميا ً. فعام 1988 تأسست فيه جامعة حديثة.
4. كنائس أنفة
يتميز ساحل أنفة بالهدوء والملاحات والمعالم التاريخية
وثلاث كنائس تطل على زرقة البحر الجميل. أولها كنيسة سيدة
الريح: تعود الى العصر البيزنطي، لم يبق منها اليوم سوى
معالم بسيطة منها جدرانيات للقديسين جاورجيوس وديمتريوس
على حصانيهما، وللمسيح واثنين من رسله، ولبعض القديسين
وللسيدة العذراء تهدىء العاصفة. وثمة كنيسة القديسة كاترين
الأرثوذكسية (من الفترة الصليبية)، رممت جزئيا ً وتشتهر
واجهتها باحدى أكبر النجميات المعروفة في الكنائس الصليبية
لتلك المرحلة. والكنيسة الثالثة ذات مذبحين لمار سمعان
العمودي ومار ميخائيل، تعود الى أوائل القرن الثامن عشر،
ويلفت سقفها بمجموعة جرار فيه تمتص الصدى حتى يظل الصوت في
الكنيسة يرن بشكل كامل.
5. دير السيدة - كفتون
في اطار طبيعي جميل منقط بالحصى، ومغشىً بخضرة الزيتون
والأشجار المثمرة، يقوم هذا الدير الأرثوذكسي على طرف غابة
حامات، عند جرف صخري صلصالي، يضم كنيسة صغيرة محفورة في
الصخر. ويقوم قريبا ً منه دير ماروني قديم.
6. دير سيدة النورية - حامات
على قمة جرف صخري أخاذ المنظر يراقب شاطىء لبنان الشمالي،
يقوم دير النورية أو ديرسيدة النور. وهو معلم أرثوذكسي
عجائبي، بني بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، بشكل
رواق يحيط بباحته الداخلية. كنيسته بازيليكية التصميم، لها
جناح واحد ذو فاصل أيقوني حديث من المرمر. وعلى خاصرة
الدير درج حاد العلو يؤدي الى مغارة في الصخر يضربها
الهواء ويواجهها البحر، أسطورتها أعطت اسمها للدير: كاد
بحاران يغرقان في البحر الهائج، حين ظهرت لهما العذراء
منورة وقادتهما بأمان الى الشاطىء.
7. كنيسة المخلص - كبا
كبا قرية صغيرة شمالي البترون، مشهورة بصيد السمك وهناء
الحياة فيها. في اطارها الأخضر الجميل، وعلى تلة باسقة،
تقوم كنيسة المخلص المارونية (من القرن الثاني عشر، أيام
الصليبيين) ولا تزال تحافظ على شكلها الهندسي الجميل. تضم
مذبحا ً على اسم القديس يعقوب. وفي المكان بقايا معبد
روماني قامت على أنقاضه كنيسة بيزنطية عاد الصليبيون
فرمموها، وآثار كتابات على مذبح روماني اضيفت اليها قوالب
بيزنطية، وعدد من المغاور التاريخية القديمة احداها على
اسم يوحنا المعمدان، أصبحت معبدأ يحج اليه المؤمنون.
8. دير مار يوحنا مارون - كفرحي
من أقدم الأديار في لبنان. بناه سنة 685 القديس يوحنا
مارون (أسقف بلاد البترون وجبل لبنان، وأول بطريرك ماروني
عاش في الدير حتى وفاته سنة 707 ودفنه فيه). كان يسكن مار
يوحنا مارون على ضفاف العاصي، ثم انتقل الى دير كفرحي (سنة
694) وأحضر اليه ذخائر هامة القديس مارون (من جبل سمعان
قرب حماه في سوريا) ووضعها في كنيسة الدير فبقيت حتى سنة
1130 حين قام راهب دومينيكي فأخذ الذخائر من رهبانية مار
يعقوب، وحملها الى ايطاليا وطلب بناء كنيسة على اسمه. وفي
1999 نجحت مساعي البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر
الله بطرس صفير ومطران بلاد البترون يوحنا بولس سعادة (مقره
الصيفي في كفرحي) في استرجاع ذخيرة هامة مار مارون الى
بكركي ثم لنقل الهامة (في 8 كانون الثاني 2000) واعادتها
الى مكانها الأول في كفرحي. تلا البطريرك يوحنا مارون
أربعة بطاركة سكنوا الدير الذي أطلق عليه الصليبيون دير
مار يوحنا كفرحي. تعرض للتلف أيام المماليك وأعيد ترميمه
سنة 1787. طرازه (بصالاته وعقده وأعمدته وخصوصا ً بجرسه
المثلث) جعل منه مكانا ً مقدسا ً بامتياز، ولا يزال يتابع
أنشطته التربوية والزراعية.
9. كنيسة السيدة نايا - كفرشليمان
تقوم في منطقة البترون، على الطريق شرقا ً الى صورات، وسط
غابة غضة من الأشجار، وتطل على مشهد طبيعي جميل. تعود الى
القرن الثاني عشر، وهي مبنية في شبه سرداب جنائزي مقصوب في
الصخر. فيها رسوم من القرون الوسطى، عالية القيمة الفنية،
تمثل المسيح والعذراء ومار يوحنا المعمدان. والكنيسة جزء
متبق من دير "ريش موران" (جمجمة أو رأس أو هامة مار مارون)،
كان مار يوحنا مارون بناه في القرن السابع.
10. دير مار قبريانوس ويوستنيانوس - كفيفان مزار مار نعمة
الله كساب الحرديني
في منطقة خضراء هادئة من بلاد البترون، تقوم قرية كفيفان
التي باتت اليوم محج المؤمنين الى مثوى القديس نعمة الله
كساب الحرديني في دير (من القرن السابع عشر) مسمى على اسم
القديسين قبريانوس ويوستنيانوس، تولته الرهبنة اللبنانية
المارونية عام 1766 وحولته الى مركز للدراسات اللاهوتية
والفلسفية، من طلابه: مار نعمة الله الحرديني وتلميذه
القديس شربل مخلوف. الأب الحرديني ولد عام 1810. دخل
الابتداء باكرا ً، وقدم نذوره وهو في العشرين في مار
أنطونيوس قزحيا. سيم كاهنا ً في 25/12/1835 وكان مثال
الطاعة والصلاة المتصلة ليل نهار. برع في السريانية
والعربية. توفي في 14/12/1858 وهو في الثامنة والاربعين.
احتفل بتطويبه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في بازيليك
القديس بطرس في روما نهار الأحد 10 أيار 1998 وأعلن قداسته
في 16 أيار 2004.
11. دير مار يوسف - جربتا / مزار القديسة رفقا
في جرد البترون، على مسافة غير بعيدة من كفيفان، في قلب
مشهد أخاذ من الوحدة والسكون وجمال الطبيعة المنعزلة، يقوم
دير مار يوسف الضهر في جربتا بين أشجار سنديان عتيقة، ويضم
جثمان القديسة رفقا. وهي ولدت في 19 حزيران 1833 وزهدت
بالحياة، فدخلت الرهبنة المارونية في عمر التاسعة
والثلاثين، للتعبد والصلاة. ومنذئذ أصبحت حياتها صلاة
مستمرة. طلبت من المسيح أن يشركها بآلامه، فاستجاب لها
ودامت جلجلة آلامها 29 عاما ً حتى وفاتها برائحة القداسة
سنة 1914 عن واحد وثمانين عاما ً، ودفنت في ظلال أشجار
الدير. وحين فاضت قداستها، تم نقل رفاتها الى كنيسة الدير
الذي بات محج المؤمنين منذ أعلن الكرسي الرسولي تطويبها في
17 تشرين الثاني 1985. أعلنها قداسة البابا يوحنا بولس
الثاني قديسة للكنيسة الكونية بتاريخ 10/06/2001.
12 .كنائس اده
على أرض اده الصخرية ذات المنبسطات الخضراء، تقوم كنائس
أبرزها اثنتان: مار سابا، من القرون الوسطى ذات أحجار
ناصعة وفيها جدرانيات من القرن الثالث عشر تمثل مشهد الصلب
وبعض القديسين الفرسان (كما ر جرجس ومار ديمتريوس)، وكنيسة
مار ماما العصرية الشكل انما المبنية بحجارة قديمة.
13. كنيسة مار نهرا - سمار جبيل
مارونية، لها جناح واحد. يشير الى قدمها ختم صليبي، ويقال
ان فيها قبر مرسل من بلاد فارس. عناصرها مزيج من معبد
روماني ومعالم من القرون الوسطى. فيها درج خارجي يؤدي الى
سطحها، ومدخلها مزدان بسلسلة من الحلقات الحجرية النادرة.
14. كنائس حردين
في حردين نحو 30 دير وكنيسة ومحبسة، أهمها: دير مار يوحنا
الشقف، دير مار اسطفان، دير مار سركيس القرن (مقر بطريركي)،
دير مار ريشا (سكنه عدد من المطارنة عرف منهم حتى الآن 11)
ودير مار فوقا، كنيسة مار سركيس وباخوس (محفورة في الصخر،
معروفة ب "كنيسة العماد" نسبة الى جرن المعمودية الذي
اعتمد فيه القديس نعمة الله الحرديني وما زال فيها حتى
اليوم)، كنيسة مار شليطا، كنيسة مار نهرا، كنيسة مار الياس،...
15. كنائس تنورين
في تنورين كنائس ومحابس محفورة في الصخر تعود الى القرون
الوسطى، أهمها: كنيسة السيدة، كنيسة مار شليطا، محبسة مار
يوحنا، ومحبسة مار سركيس وباخوس.
- كنيستا مار أنطونيوس والسيدة العذراء في اطار هادىء
وخشوعي، وفي ظل أشجار الحور والجوز، تقوم هاتان الكنيستان
المارونيتان ملتصقتين، وهي ظاهرة فريدة في منطقة تنورين.
لم تبنيا في وقت واحد، انما يجمع بينهما باب داخلي، ولهما
بابان خارجيان مستقلان.
- دير مار أنطونيوس – حوب
"حوب" بالسريانية: حوبو أي الحب. وهذه المنطقة من
تنورين (تعلو 1400 متر، وفبها نحو خمسين كنيسة) اشتهرت
بهذا الاسم لما فيها من جمال وغنى ً طبيعيين وينابيع. ودير
مار أنطونيوس للموارنة - في قلب منطقة خضراء، غنية
بالينابيع والبساتين، عند سرير نهر الجوز - يعود الى مطلع
القرن الثامن عشر، وهو مبنى ً كبير من طابقين يتطربش
بالقرميد الأحمر، كانت فيه كنيسة تم ترميمها مؤخرا ً. أقضية
طرابلس،
المنية الضنية
وعكار