جار الزمان على معابدها وعبثت بها يد الطبيعة والبشر، تعرضت للزلازل
والتخريب والتجوير طيلة القرون الوسطى والعصور الحديثة، غير أنها ظلت
تستوقف الرحالة والزوار فتثير الاعجاب وتغذي الأساطير، وبقيت عواميدها الست
رمزاً للشموخ والعظمة.
تقع بعلبك شرق نهر الليطاني في وادي البقاع. تبعد عن بيروت 85 كلم وترتفع
1170م عن سطح البحر. اشتهرت بعلبك عبر التاريخ باسمها الحالي المكون من
كلمتين هما (بعل) و (بك) وتعني في اللغة السامية (رب سهل البقاع)، وبالاسم
الذي اطلقه عليها الرومان وهو هليوبوليس Heliopolis ومعناه مدينة الشمس،
ولكن لم تعرف هذه المنطقة عصرها الذهبي بحق الا بحلول العام 47 ق. م، عندما
جعلها يوليوس قيصر مستعمرة رومانية.
تعتبر بعلبك من أهم المدن السياحية في الشرق الأوسط على الاطلاق لما فيها
من غنى سياحي. يبدأ تاريخها منذ زمن الفينيقيين، وصولاً الى زمن الرومان.
فنظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي وأهميتها الزراعية، اختارها الرومان
لبناء أكبر الهياكل التي عكست ثروة وقوة الامبراطورية الرومانية، وقد
استمرت عمليات البناء أكثر من مئتي عام.
استمرت شهرة بعلبك كمنطقة سياحية خصوصاً بعد بدء مهرجان بعلبك الدولي منذ
العام 1957 والذي أعيد اطلاقه بعد أن وضعت الحرب الأهلية في البلاد أوزارها
عام 1990، هو واحد من العلامات الثقافية الفارقة في تاريخ لبنان. ويعبق
مهرجان بعلبك بشذا التاريخ، ففي ذروة تألقه خلال ستينيات وسبعينيات القرن
الماضي، كان يجذب الزائرين من كافة أنحاء المعمورة، وقد شارك في الحدث نجوم
عالميون ومحليون كبار، من أمثال ايلا فيتزجيرالد وهربرت فون كارايان
والمطربة اللبنانية فيروز.
بسبب أهمية المنطقة الزراعية ودورها في توفير الغذاء لسكان شرقي
الامبراطورية الرومانية، اضافة الى موقعها الاستراتيجي على طرق التجارة
الأساسية التي تصل بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، اختار الرومان
بعلبك لتشييد أضخم المعابد الدينية في امبراطوريتهم لتكريم ثالوثهم المقدس:
جوبيتر وفينوس وميركوري.
يستطيع زائرو بعلبك اليوم ان يدخلوها من المدخل الأمامي الروماني والسير
عبر الباحتين الواسعتين للوصول الى المعابد العظيمة في المجمع:
يعتبر معبد جوبيتر أضخم المعابد الرومانية على الاطلاق. ولم يتبق من
الأعمدة الكورينثية ال 54 الا 6 أعمدة فقط. يبلغ ارتفاع كل منها 22 متراً
بينما يصل قطر الواحد منها الى مترين، ما يعطي فكرة عن ضخامة المعبد في
العصر الروماني. أما معبد باخوص فهو من أفضل المعابد الرومانية حفظاً في
الشرق الأوسط. ومع أنه أصغر من معبد جوبيتر، يعد معبد باخوس أكبر من ال
بانتيون في أثينا. وبالنسبة لمعبد فينوس، فهو بناء أصغر من بقية المعابد،
مقبب، شيد على حدى الى جنوب شرق المجمع. وحول المعبد خلال العصر البيزنطي
الى كنيسة تكريماً للقديسة باربرا. ولم يتبق من معبد مركوري سوى جزء من
الدرج المؤدي اليه على هضبة الشيخ عبد الله، على مقربة من موقع المعبد
الأساسي.
رغم اغلاق المعابد الرومانية وتدميرها جزئياً عندما دخلت المسيحية الى
المنطقة، أكملت بعلبك مسيرتها مع دخول حضارات جديدة اليها تركت بصماتها على
الموقع. فهدم الامبراطور البيزنطي مذابح معبد جوبيتر واستعمل حجارتها
وعناصرها الهندسية لبناء بازيلية. وما تزال آثار هذه البازيلية واضحة الى
يومنا هذا قرب درج معبد جوبيتر. خلال الفتوحات العربية، حصنت بقايا المعابد،
واعطيت المنطقة اسما عربياً هو القلعة كما تظهر أمام مدخل ال أكروبوليس
بقايا مسجد كبير يعود الى الفترة الأموية.
استفادت بعلبك عبر تاريخها الطويل من موقعها المميز لتصبح محطة تاريخية
هامة ومقاماً دينياً مرموقاً. فأول ما يطالع قاصديها مقام السيدة خولة بنت
الامام الحسين (ع) الذي يقع على قطعة أرض (تبلغ مساحتها حوالى الألف
وخمسمائه متر مربع) عند مدخلها الجنوبي ومقابل مصرف لبنان. يحيط بالمقام
الأشجار الصنوبرية والحرجية، ووسط بناء المقام شجرة سرو معمرة ونادرة عمرها
يربو على مئات السنين. وقيل انها واحدة من الأشجار التي زرعت مع بناء
القلعة. سجل هذا المكان في مديرية الآثار لما يمتلكه من قيمة أثرية اضافة
الى قيمته الدينية والمعنوية، ويعتبر محجاً للزوار من كافة المناطق
اللبنانية. وقد ذاع صيت المقام فصار يقصده الزوار من سورية وايران ودول
الخليج والدول الاسلامية الأخرى لا سيما أيام عاشوراء والأربعين وأيام
الجمعة والأعياد والمناسبات.
الى جانب هياكل القلعة، تزخر بعلبك بعدد لا بأس به من المعالم الأثرية
الرومانية أو الاسلامية الأخرى، مثل الجامع الأموي الكبير الذي يقوم الى
الشرق من مدخل المعبد الكبير ويتألف من بهو مربع يحيط به رواق ويتوسطه حوض
ماء، كان في ما مضى مقبباً، أما تاريخ بنائه فيرجع الى بدايات العهد الأموي.
وبما أن ضواحي بعلبك تمتاز بجودة حجرها الذي مكن الرومان من قطعه بقياسات
كبيرة دون خوف من تفتته، نجد فيها عدداً من المقالع من بينها مقلع حجر
الحبلة الذي يقع عند مدخل المدينة الجنوبي، وهو مشهور باحتوائه حجراً عظيماً
يبلغ طوله 21 م. ومتوسط عرضه 8و4م. وارتفاعه 2و4م. فيما يصل وزنه الى حوالى
1000 طن.
قضت الزلازل المتعاقبة على الجزء الأكبر من بعلبك. انما في القرن التاسع
عشر، بدأت بعثة ألمانية بالتنقيب عن الآثارات في الموقع وترميم بعض آثار
بعلبك. بفضل جهود علماء الآثار الألمان والفرنسيين واللبنانيين، يستطيع
الزوار اليوم ان يكونوا فكرة عن شكل الموقع الأصلي وعظمته.
من أبناء بعلبك: الامام الأوزاعي، قسطا بن لوقا، المقريزي، وشاعر القطرين
خليل مطران.
من أبرز عائلات بعلبك: سركيس، الفيتروني، مرتضى، قرعة، كيروز، الرفاعي،
ياغي.
-
The monuments of Baalbeck: >> View
Movie << (2002-04-01)
- The monuments of Baalbeck: >> View
Movie << (2002-04-01) - The monuments of Baalbeck: >> View
Movie << (2005-04-01) - The monuments of Baalbeck: >>
View Movie <<
(2013-01-15)
- The monuments of Baalbeck: >> View
Movie << (2013-01-15) - The monuments of Baalbeck: >> View
Movie << (2013-02-15)