الزراعة في لبنان -
لبنان منشورات الجامعة اللبنانية
-تابع-
5- نباتات واشجار مختلفة
من مزروعات لبنان ايضا
ً الموز كانت زراعته منتشرة في بلادنا السورية وفي فلسطين
ثم تناقصت تدريجا ً الا انها الآن آخذة بالازدياد في
الشواطىء السورية وهي تتطلب اعتناء وارضا ً موقية من
الارياح البقوية رطبة شديدة الخصب ليجد الموز فيها الغذاء
الكافي لنموه السريع ومتى تمت هذه الشروط اتى بارباح
وافرة. والموز المصطلح عليه في بلادنا يسمى "البلدي" وهو
مشهور بحلاوته وحسن طعمه. وقد غرس منه اجناس كثيرة بعضها
جيدة وبعضها ممتازة بحجمها لكنها دون البلدي لذة ً ويتكاثر
الموز بواسطة الازرار الصغيرة التي تنبت حول جذوره كل سنة
فاذا نجحت تحمل ثمارا ً في السنة الثانية من زراعتها لكن
ثمرها لا يكون جيدا ً اما في السنة الثالثة فيحمل الموز
ثمارا ً جيدة ومتى اثمر تنتهي حياته فيقطع وتستمر ازراره
على النمو فتستحيل الى جملة اغراس متقارب بعضها من بعض
ومتى اخلف الواحد منها ثمارا ً يقطع. واذا أريد زرع الموز
تؤخذ الازرار المذكورة وتغرس في حفر مسمدة أعدت لهذه
الغاية. ومن المصطلح عليه تجديد النبات كل بضع سنين حيث
انه يضعف الارض. واذا اثمر في فصل الشتاء لا تنضج الثمار
جيدا ً فتقطع قنوان الموز وتوضع في التبن فتنضج فيه
بالحرارة الصناعية التي تتولد في التبن.
الصبير او التين الشوكي يستعمل كسياجات للبساتين ويؤكل
ثمره انما يمكن الحصول منه على فائدة اعظم واثمن في لبنان
خصوصا ً وذلك كعلف للمواشي ويحسن لاجل ذلك ان يغرس ضرب آخر
منه لاشوك له.
ويغرسون الازدرخت والاكاسيا في المنتزهات وعلى الطرقات ويا
حبذا لو عمموا غرس مثل هذه الاشجار على طول الطرقات. وفي
اواخر القرن الماضي ادخل شجر الاروكاريا وشجر الصنوبر
النمساوي وشجر الاوكالبتوس ومنه اصناف عديدة تعيش في اراض
ومناطق مختلفة فاخذ بالانتشار لكنه كان يؤمل ان يكون
انتشاره ازود واسرع لما له من المنافع ان كان للصحة او
لصلاحية خشبه كوقود. وروى البعض ان حرارة القدم المكعبة
منه تساوي حرارة القدم المكعبة من الفحم الحجري. او لما
يحويه من الزيت العطري الذي يمكن استخراجه منه. ويوجد من
هذه الشجرة 45 نوعا ً في حديقة مدرسة الطب ببيروت قرب
الحرج وقد استجلب بعض المولعين بالمزارعة او من يهمهم
العلوم النباتية اشجارا ً كثيرة مثمرة وخلافها مما لم يكن
معروفا ً عندنا فترى في البقاع بضواحي طريق عربات الشام
القديمة اجناسا ً حرجية غرسها مديرو هذه الطريق. وفي حديقة
مدرسة الطب على طريق الشام لا اقل من ثلاثمائة نوع من
النبات أدخلت من بلاد مختلفة الى هذه الحديقة واصبحت اليوم
متوطنة فيها بينها نباتات طبية ونباتات حرجية واشجار مثمرة
ففيها شجر الكوياف (Goyave) ذو الثمر اللذيذ وشجر البابايه
(Papayer) وانواع شتى من الفصيلة الآسية (Myrtacées) ولا
اقل من 18 شكل من فصيلة الشجر المخروط كالصنوبر والسرو
ونوع من التين (التين العبادي) يستخرج منه صمغ اللك وذلك
بفضل حشرة كالصرصور يدعونها حشرة اللك ويستعمل هذا الصمغ
للاصباغ ولشمع اللك. اما النباتات والبقول الحديثة فكثيرة
جدا ً الا ان قسما ً منها بعد برهة من الدهر يضعف ويفقد
خواصه الاصلية لاختلاف التربة على هذه النباتات او بالحري
لجهل الاهلين تربيتها.
6- آفات المزروعات من النباتات الفطرية وغيرها ومن الحشرات
الرهوب والصدأ: يفسد الحبوب بعض الفطريات التي تؤدي
بزرها وتتلف احيانا ً سنابلها واخصها العلة المعروفة عندنا
بالرهوب (Charbon et Carie) وينسبونها الى رداءة الطقس او
كثرة الرطوبة في الارض فتتحول بزور الغلة الى سقوف اسود
كانه الفحم الناعم وهذه الجراثيم الفطرية تنتشر وقت
الدراسة بين البزور وتثبت فيها. ويسطو على الاغلال فطر آخر
يدعى صدأ لانه يكسو المزروعات ذات السنابل مادة ً محمرة او
قاتمة تشبه صدأ الحديد فيصيب الاصل ويستولي ايضا ً على
السنبلة وسائر اجزاء النبات فيضر بتكوين الحب ويقلل قوة
التبن الغذائية. وهذه العلل معروفة منذ القدم في بلادنا
وتعد من الضربات التي يتهدد بها النبي موسى شعب بني
اسرائيل وانتشرت مرارا ً عديدة في اراضي فلسطين. وتستدرك
هذه الآفات بان تكلس البزور او تغمس بمزيج من السولفات.
ويتوقف التكليس على عمس البذار في ماء كلسي (على قدر ثلاثة
كيلوغرامات من الكلس الحي في كل ثمانية ليترات من الماء)
فيوضع البذار في سلة ويغمس في المزيج المذكور مدة بضع
دقائق ثم يعرض للهواء حتى يجف وكذلك طريقة غمسه بسولفات
النحاس على قدر واحد في المئة فيبقى البزر فيه نحو ثلاث
الى اربع دقائق ثم ينشف وبعد ان يمضي عليه نحو اثنتي عشرة
ساعة يحسن زرعه ويذرون عليه عادة ً شيئا ً من الملح ليطول
مفعول الكلس.
سوس القمح: ومن الهوام الضارة سوس القمح وهو من
الحشرات الغمدية الاجنحة لونه قاتم ودودته بيضاء الا راسها
الضارب الى الصفرة ويكون ظهوره في اول الربيع ويزدوج بعد
حين فتدخل الانثى بين كومة الغلة وتجعل فيها بيضها وأذاه
عظيم في الاهراء فان دودته تخرق لب الحبة دون ان يظهر في
خارجها مع فراغ داخلها فتخف الحبة وتطفو فوق الماء اذا
القيتها فيه. واحسن طريقة للوقاية من هذه الهامة نظافة
الاهراء وتذرية الحبوب.
الالوسيت (L'Alucite): هي ايضا ً من الهوام
المفسدة للحبوب كالقمح والشعير والذرة الخ وفراشها اكبر من
الدودة السابقة ولونها رمادي فيتطاير زمنا ً قليلا ً قبل
الحصاد وبعد سفادها تضع الانثى بيضها الاحمر في السنابل
فتنقف او في الحقل او في الاهراء اذا كان أدخل اليها الحب.
فالدودة البيضاء اللون تنخر الحب وتأكل اللب وتنسحب. واحسن
طريقة لاستئصال هذا الداء وحفظ الحبوب ان تقتل الهامة في
باطن الحبة وذلك بان تخنق هذه الهوام بالحامض الكربونيك
بوضعها في آبار او اوعية محكمة القفل ومملوءة الى اعلاها
والاحسن ان يحرق في هذه الاوعية قبل املائها شيء من الفحم
فيتشرب جمره اوكسيجين الهواء الموجود في المحل ويتكون
الحامض الكربونيك.
اعلن اهل الكورة منذ بضع سنوات وجود هامة اخرى مفسدة
للحبوب يؤخذ من وصفها انها هي المعروفة باسم علة الزرع
Cephe Pygmée وفراشها اسود وهي ذبابة ذات اربعة اجنحة تضع
بيضها على الساق تحت السنبلة فالدودة المنقوفة تدخل في وسط
الساق وتتابع سيرها الى اسفل الساق محترقة العقد وهذه
الدودة بيضاء ورأسها كمد اللون وبضعة ايام قبل الحصاد
تلتصق باصول النبات عند اسفلها على علو سنتيمتر
اوسنتيمترين من الارض ثم تبني لها فيلجة لفصل الشتاء بعد
ان تكون فرضت الساق داخلا ً على شكل دائرة ليمكنها ان
تنسحب عند تمام بنيتها. ويعرف اذاها من هيئة السنابل التي
تكون بيضاء ومستقيمة. اما ما كان سالما ً منها فيكون
ملتويا ً نضرا ً واذا فحصت ساق السنبلة الفاسدة وجدت
الدودة فيها وهي تقرض. وطريقة النجاة من اذاها ان ينزع
النبات الفاسد ويحرق في مكانه.
ان استدراك الداء قبل وقوعه هو الافضل ولذلك حتى يحصل
المزارعون على غلات جيدة يجب عليهم ان ينزعوا من حقلهم
الحشائش المضرة لانها تضعف الارض ويصولوا الحب. ومما يفيد
كثيرا ً لذلك تنسيق المزروعات كما افاد بها صاحب النظر
العمومي في الزراعة.
وللبقول والقطاني نباتات وفطريات وحشرات خاصة بها. فمن
النباتات الضارة النبات المدعو خانق الكرسنة (Cuscute) او
خانق العدس او خانق الفول الخ بحسب ما يكون ساطيا ً على
نوع او آخر من هذه المزروعات يفشو خصوصا ً في جنوبي لبنان.
ويوجد نوع آخر من النبات يدعى ايضا ً خانق الكرسنة او
جعفيراً (Orobanche) ينبت كذلك في جوار مزروعات أخرى
ويضرها. فاستئصال هذه النباتات المضرة يكون بنزع البقل
الذي يخنقه ورش المحل بمزيج من سولفات الحديد (بقدر 3
كيلوغرامات من السولفات لكل مائة ليتر من الماء).
وبين الحشرات هامة تدعى مندوسة (Bruche) وهي من الحشرات
العمدية الاجنحة فراشها اسود مع نقط بيضاء وهي تفسد البقول
ودودتها تفرض باطن الحبوب (الحمص واللوبياء والفول والعدس
والباقية الح) والنجاة منها بان تعرض على سولفور الكربون.
المالوش: ومن الد اعداء المزروعات المختلفة المالوش
(Courtillère ou Taupe Grillon) ومما تمتاز به هذه الحشرة
قائمتاها وهما غاية في المتانة تنتهيان باظافير هائلة
كاظافير الخلد او اشد. واكثلر ما يوجد المالوش في التربة
الخفيفة ذات الرطوبة والكثيرة السماد فتتوطنها هذه الدوبية
وتجد فيها ما يلائم طبعها ولهذا ترى الحقول الواقعة في سهل
بيروت وسهول لبنان مصابة كلها بهذه الآفة. ومن طباع
المالوش انه يخرج في الليل من وكره فيسيح على وجه الأرض
ليتصيد الهوام والحشرات. والذكور منه تستعين اذ ذاك
باجنحتها للطيران. وقد زعم بعض الكتبة ان المالوش من
الجوارح لا يأكل اصول النبات وانما يقرضها في طريقه لانها
تعيق سيره في طلب الديدان والحشرات. والصواب ان هذه
بالاختبار انها تلتهم حتى نفاية النباتات اما السماد فهو
اصلح ما يكون لنموها لا سيما روث الخيل.
والمالوش يعيش نحو ثلاث سنوات وفي سنتيه الأوليين يكون على
هيئة دودة اما السنة الثالثة فيبلغ فيها كماله. واوان
ازدواجه في احد شهري ايار او حزيران والانثى تسرىء بيضها
في حزيران او تموز ولا يمضي على تسرئتها خمسة عشر يوما ً
حتى تفقس صغارها وتكون الصغار على شبه الكبار الا انها بلا
اجنحة ويأكل الذكر نحو تسعين في المئة من صغاره. والمالوش
يقرض النبات المتداني بعد نقفه بقليل ولا يمر عليه 15 يوما
ً حتى يسلخ سلخه الاول فيأخذ في حفر الاسراب لنفسه ولا
يبلغ المالوش تمام كيانه الا في اخر سنته الثانية بعد
المسلخ الرابع فيصير مجنحا ً قويا ً على التوليد.
الوقاية من المالوش: ارتأى ارباب الزراعة وسالئل شتى
لاتلاف المالوش منها ان يسكب المزارع في ثقب هذه الحشرة
مزيجا ً من عشرة اقسام ماء وقسم من الزيت او غاز البترول
فيغرق المالوش او يموت خنقا ً لان الزيت الطافي فوق الماء
يسد منافسه ولا يصعب الوقوف على هذه الاوكار لان مدخلها
دائما ً في مركز النقف يدل عليها ارتفاع خفيف من التراب
فوق سطح الارض ويعرف ايضا ً بالعشب اليابس الذي تجده بعد
السقي او انهمال المطر. ومنها ان تخد التربة وتحرث في شهرل
حزيران وتموز وذاك مما يكشف اعشاش المالوش فعليك حينئذ ان
تتلف البيض او تسرع الى الصغار فتقتلها قبل ان تغرز في
الارض ثانيةً. ويحسن ايضا ً لاهلاك المالوش ان تجعل قبل
غروب الشمس كوما ً من السواد الطرىء في انحاء الزرع
فالمالوش يتراكض اليها ويقيم في وسطها فعلى الزارع ان يعجل
صباحا ً قبل النهار ويحمل هذه الكوم في صناديق وينقلها
بعديدا ً. ثم ينشر السواد المنقول ويسحق بحجر المالوش
المنتشر بينها. ومن الوسائل العاملة على اهلاك المالوش
المبنية على ارتياحه الى الماء ان تنقطع عن سقي الارض مدة
ثم تجعل على وجه الارض آنية تملاها ماء الى نصفها فالمالوش
لكثرة حاجته الى الماء ينزو فوق الآنية فيغرق في مائها.
والاقحاف التي يستعملها العامة للزهور تصلح لذلك بعد سد
ثقبها الاسفل.
آفات اخرى: ومما يضر ايضا ً بالمزروعات اجمع انواع
الحلزون والبزاق فيلزم الزارع ان يبحث عنها صباح مساء
ويفنيها ويمكن أيضا ً اتلافها بذر شيء من الكلس فوق الارض.
ومن اكبر اعدائها كبكاب الشوك ولذلك يوافق اذا امكن جذبه
الى جنائننا.
ولا تخلو الاشجار المثمرة من الآفات كالنباتات الضارة
المتطفلة والحشرات. فأولها فساد الجذور (Pourridié) وعلتها
فطريات من نوع الفطريات المأكولة تسطو على اصول النبات في
الاراضي الرطبة غير السليمة ومن ثم يجب افراد الشجرة
المصابة بحفر خندق حواليها واستئصال جذورها واحراقها
وافناء ما بقي في موضعها من تشعبات الفطر باحراقها او بوضع
كمية من الكلس الحي في هذا الموضع وخلطه مع التربة ويجب
الاحتراز من غرس الاشجار في اراض فشا فيها هذا الداء قبل
اصلاحها وتجفيفها والصبر عليها بعض السنوات.
اما ما ينشأ على الاشجار من البثور (Mousses) فيزال بسحي
ساقها وطلائها بماء الكلس. واكثر الاشجار المثمرة معرضة
للتهرىء (التخاخ) وذلك من مفاعيل التأثيرات الجوية فاذا
لاحظ المزارع اثرا ً من ذلك وجب عليه ان ينظف ما فسد منها
تنظيفا ً محكما ً وان يطليها بمعجون. ومن اشهر هذه
الدهونات واقدمها لطلي الشقوق التي تحدث للاشجار والمطاعيم
هو الصبغة المنسوبة الى سان فياكر (Onguent St. Fiacre)
فيمزجون نصف كمية من روث البقر مع نصف من التراب اللزج
(حوارى) ويلوثونهما بالماء مدة الى ان يختلطا اختلاطا ً
تاما ً متساويا ً. ويوجد ايضا ً عدة دهونات او معاجين
لعلاج ما يحدث في الاشجار من التشقق وعلى كل حال يحسن
بالمزارع ان يسد هذه الشقوق ومقطع الاغصان في البساتين
المعرضة للتهرىء لان ذلك مما يساعد على غارة الحشرات
بالاشجار وتعشيشها في خشبها.
ولاحظوا ان التفاح لا يعيش زمنا ً مديدا ً في بلادنا فانه
يسوس (يخرز) والسبب وجود عامة تقرض قشرة الشجرة وتثقبها
وتفتح في باطنها اسرابا ً. فتارة ً تفسد الاغصان فقط وهي
المدعوة بقارض التفاح الصغير (Petit Rongeur du Pommier)
وحينا ً تؤذي الساق ايضا ً وهي المسماة قارض التفاح الكبير
(Grand Rongeur du Pommier). فاذا فرغت الدودة من عملها
يبست الاغصان اللهم اذا كانت هي وحدها مصابة او يبست
الشجرة بتمامها اذا كان عدوها من الجنس الثاني. وافضل
طريقة لاتقاء شر هذه الآفة او ما شاكلها من الحشرات التي
تنخر خشب الاشجار هي الاسراع الى قص الاغصان وحرقها او قطع
وحرق الشجرة المريضة بكاملها ولا بد من احراقها لانها اذا
قطعت وبقيت في ارضها تتابع الدودة نموها فتفسد في السنة
التالية ما جاورها من الاشجار. فلاستدراك الداء يجب مسح
الاغصان وطليها بمزيج من الامزجة القاتلة للحشرات.
ويسطو على الزيتون هامة تدعى قملة الزيتون (Le Pou de
L'Olivier) وهي حشرة من فصيلة ذوات الاجنحة النصف عمدية
(Hemiptère) لونها مكمد فتمتص مائية شجر الزيتون ويعرف
وجودها من غبار اسود تراه منتشرا ً على الاغصان موشحها.
ولاشجار التفاح والسفرجل واشجار اخرى ذات البزور آفة
تصيبها تدعى القطني (Puceron Lanigère) وهذه الهامة تفسد
التفاح في شمالي لبنان في نواحي اهدن والضنية فترى اغصان
الشجرة وساقها واصولها مكسوة بجلدة قطنية فاذا فحصتها بدقة
وجدت ان خشب هذه الاشجار مثقوب بها فيحدث فيها نفاخات
وبثور تحلل قشرتها فتسري اليها هذه الهوام وتنفذ في باطنها
ويتعلل بفعلها حدبات تدعى بثور التفاح (Chancre du
Pommier) فلا تلبث شجرة التفاح ان تتلاشى وتعدم. ولابادة
هذه الحشرة وما شاكلها من الحشرات التي ترى على الاشجار
المثمرة وتمتص بخراطيمها مائية الاشجار المغذية لها تطلى
الاشجار بامزجة مركبة من التبغ او مواد عفصية او الرماد.
وكذلك يجوز استعمال سولفات الحديد والكلس للنجاة من هذا
الداء (بمقدار 3 كيلوغرامات سولفات وكيلوغرامين كلس لكل
مائة ليتر من الماء) ومن احسن الوسائل للنمش القطني خاصة ً
تنظيف الساق والاغصان الكبيرة في فصل الشتاء واذا وافى
الربيع تطلى الاشجار بالامزجة القاتلة لهذه الهوام وتملط
بمزيج من زبل البقر والحوارى وماء الكلس.
الحشرات القشرية والخشبية: هي كثيرة في بلادنا قد
وجد منها انواعا ً شتى حضرة الاب كلنيانان احد اساتذة كلية
القديس يوسف. تسطو هذه الحشرات على اللوز والليمون
والزيتون والفستق والتين والخوخ والمشمش والبطم والتفاح
والاجاص والسماق. وافضل طريقة لمعالجتها ان تتخذ اسلاك
حديدية رفيعة فتدخلها في قلب الشجرة حيث فتحت الحشرة لها
مجازا ً الى ان يبلغ رأس السلك اقصى الثقب فيقتل الدودة
وان كانت الام هناك خرجت فيقتلها البستاني عند خروجها.
اما الادوات التي ترش بها الامزجة المفنية للحشرات فرشاش
بعضه يستعمل باليد وبعضه بحمل على الظهر او على عربة تجرها
الدواب.
ويوجد كثير من الحشرات التي تقرض لب الاثمار كذبابة
الزيتون وذبابة الليمون فاذا أصيبت هذه الاشجار بهذه
الحشرات فلا بد من جمع الاثمار وحرقها فالليمون تجمع ثماره
الساقطة وتحرق اما الزيتون فيجنى ثمره سريعا ً قبل نضجه
التام ويعصر. نعم ان الزيت الحاصل من عصره اقل كمية وادنى
جنسا ً لكن الزارع لا يفقد جناه تماما ً بانتشار الداء اما
ما سقط من الشجرة فيجمع ويحرق. وبما ان بعض هذه الحشرات
تغادر التمر حال سقوطه على الارض وليس من السهل قطف
الاثمار المصابة وهي على امها فالاحسن ان يطوق اسفل الشجرة
بالاعشاب او يقطع بالية من القماش فتصبح هذه الاطواق كملجأ
تأوي اليه الحشرات بكثرة فلا يصعب حينئذ قتلها.
آفة الجيز: ان الجيز (Hanneton) ايضا ً من الاعداء
الالداء للاشجار المثمرة وظهوره في اول الربيع فعلى صاحب
الشجرة ان يهزها هزا ً قويا ً وسط النهار لتسقط عنها
الجيزان فيلمها ويلقيها في حفرة مملوءة من الكلس الحي. ان
دودة الجيزان المدعوة الدودة البيضاء تؤذي النبات أذىً
عظيما ً ولا يعرف اذاها الا بعد ان تفسد اصول النبات الذي
تسطو عليه. واحسن واسطة لمنع تكاثرها هي ابادة الجيزان
وعلى كل لا بد من جمع كل دودة ببضاء عند فلاحة الارض
وابادتها.
الزلقطة والزنبور: يفسدان ايضا ً الثمار. الاولى
خاصة ثمار المشمش والخوخ (الدراقن). والزلقطة تبني عشها في
الارض اما الزنبور فيضع وكره في الجدران القديمة ولا سيما
في جذور الاشجار النخرة. فالزلقطة يحرق عشها بنار توقد عند
مدخله فتخرج من وكرها وتحترق ويمكن ايضا ً سكب ماء مغلي في
العش. اما الزنبور فيدخلون اذا امكن في فوهة وكره فتيلة
مكبرتة وموقدة فتفنيه.
ويوجد ايضا ً بعض حشرات وديدان قد يمكنها ان تؤذي
المزروعات على ان التخلص منها يكون بالمراقبة الدائمة
لتنقيتها بواسطة الامزجة القاتلة لها التي تكلمنا عنها
سابقا ً. والطريقة الفضلى ان ترصد الحشرات التامة البنية
قبل اوان سفادها في الربيع اذا تخرج الى الهواء عند المساء
وتنزل على جذور الشجرة واغصانها تقربا ً من انثاها فيجتمع
منها كميات يسهل قتلها. وعلى كل يجب المحافظة على العصافير
والدفاع عنها لان عددا ً كبيرا ً منها يصطاد الحشرات
ودودها ويغتذي بها وهو اكبر عدو لهذه الهوام نخص بالذكر
منها الخطاف الذي يلتهم في طيرانه عددا ً عديدا ً من
الهوام الطائرة والحشرات المضرة بالزرع. وعدل بعضهم انه
يلتهم نحو ستة آلاف ذبابة في اليوم. ومنها الخفاش الذي لا
يقتات الا من الحشرات ويتصيد ليلا ً فيفني جانبا ً عظيما ً
منها. والسمرمر العدو الالد للجراد. وة الشحرور الذي يلتهم
في السنة ما ينيف على 4000 فارة وجرذون وخلد ويطهر
البساتين من البزاق والحلزون. ومنها الزرزور والعصفور
الدوري الذي هو من الد اعداء الدودة البيضاء وتفترس صغاره
اكثر من 400 حشرة في النهار على أن البعض يعتبرونه كآفة
للحبوب. ومنها البوم وابو عمي (Chouette) فانهما ينقضان
على الجرذان ليلا ً ويفنيانها ويسطون أيضا ً على الحشرات
الليلية. ومنها القنبرة التي تسطة على ادود والصراصير.
ومنها ايضا ً الوقواق او الطاطوى (Coucou) فيقدم على
الحشرات المشعرة التي تأباها بقية الطيور فيقترسها.
ومما يساعد على مقاومة الهوام الضارة للمزروعات ولا سيما
صغار الحشرات هوام مثلها تصليها القتال كالحشرات المدعوة
دعسوقات (Coccinelles). ويذكر بعضنا تلك الحشرة التي زحفت
من بضع سنوات على الحشرات المفسدة ليمون ساحل بيروت وصيداء
فنظفت منها الحدائق. ولهذا وجب علينا المحافظة على هذه
الحشرات المفيدة او استجلابها الى بلادنا اذا خليت منها.
وتحوي الفصيلة الغمدية الجوانح على عدد من الهوام الضارة
بالمزروعات منها نوع يفتك بسوس القمح في الاهراء يدعى
بلسان العلم (Pteremalus Tritici)
ومن بعض اجناس هذه الحشرات المفيدة جنس يحسن ثمر التين
ويعجل نضجه بتأبيره كما جرى في عدة بلاد فانهم ينفذون في
التين هامة ً منها تكون نمت وعاشت في التين البري فترى عما
قليل ثمارها افضل جنسا ً واوفر عددا ً واسرع نضجا ً من
سواها. ولذلك يغرس اهل جزائر اليونان تينا ً بريا ً بجوار
تينهم الاهلي من جهة الرياح الغالبة فتنقل الريح تلك
الهوام من الشجر البري الى الاهلي فيحسن جنس ثماره. ومنهم
من يجني ثمار التين البري وينظمه اسلاكا ً وقلائد يعلقونها
على شجر التين الاهلي وهكذا يصنع اهل بلاد القبائل اذ
تتطاير تلك الهوام من القلائد الى ثمار الشجر الاهلي وذلك
سبب رواج التين الرومي وشهرة صنفه.
أما في بلادنا فقد اعتاد بعضهم غمس التين الفج بالزيت
فيسرع نضجه وهذا شائع ايضا ً في بعض نواحي البلاد الاجنبية
حيث النساء يخزن ثقب التين بدبوس يغمسنه في الزيت.
حيوانات ضارة للمزروعات: وللمزروعات اعداء آخرون
اكبر من الحشرات والهوام ألا وهي بعض الحيوانات القارضة او
البرية كالفأر والجرذ والثعلب وابن آوى والخلد.
فالفيران والجرذان مشهورة منذ قديم الزمان بعبثها في
المزدرعات. وقد ذكرها الكتاب الكريم بين الضربات التي
ابتلى بها الله اعداء بني اسرائيل (سفر الملوك 1 ف 5ع6).
والجرذان تتناسل بكثرة غريبة رغما ً عما يتخذ من الوسائل
لا تلافها. وقد تحقق اليوم انها هي الناقلة لوباء الطاعون.
ويسبب الثعلب وابن آوى ايضا ً اضرارا ً ججمة للمزدرعات
المختلفة وهما يفتكان بالبساتين والكروم ويفترسان ثمارها
ويقبلان بنهم خصوصا ً على قصب السكر ليمتصا حروته.
اما الخلد فلا يقتات بالخضر كما يظن الناس بل له بعض
المنافع اذ يجعل قوته من الحشرات والديدان البيضاء التي
يلتهم منها كميات لا تحصى. وانما خطره اذا تكاثر بما يحفره
في الارض من الاسراب والانفاق فيقطع في سيره أصول النبات
فتيبس.
والنجاة من هذه الحيوانات المضرة ان تنصب لها الفخاخ
المختلفة الانواع فيصطادونها بها. ومنهم من يعد لها
معجونات او اثمارا ً او قطعا ً من اللحم بدوفونها بمواد
سامة كالزرنيخ والفوسفور والستريكنين فتهلك بها تلك
الحيوانات المفسدة. ويربى بعض ارباب الزراعة في حقولهم
القنفذ او كبابة الشوك فانه من الد أعداء الجرذان
والحشرات.
الحيوانات الاهلية المفيدة للزراعة: ان تربية الحيوانات
الاهلية في كل البلاد ولا سيما في البلاد الغنية بالزراعة
لمن الموارد المهمة ولا بد من صرف النظر اليها باهتمام
واذا عني المزارعون بتهيئة المراعي المريئة وغرس بعض
النباتات التي يستطيبها الحيوان الاهلي او توفيرها
والمحافظة على الموجود منها في انحاء الجبل فلا تلبث لن
تدر علينا ارباحا ً وافرة اذ تتيسر تربية المواشي فتغنينا
بمحصولاتها.
وفي لبنان جملة نباتات تصلح لعلف المواشي وتلائمها اي
ملاءمة. والدليل عليه ان الاجانب يستوردونها من بلادنا
لقوت دوابهم ومواشيهم ولا يكترثون لما يلحق نقلها من
النفقات بينما نحن نتغاضى عنها ولو سعينا بتنمية نبات
العلف لأعدنا للبنان نضارته وخضرة غاباته فضلا ً عن جني
ذات الاثمار منها كالخرنوب والصبير والذرة والبطاطا الحلوة
واللفت والشمندر. فهذه كلها تفيد علف الحيوان وتضاف الى ما
يعلف به اليوم اي الفول (للبقر الحلوبة فقط) ثم الكرسنة
والشعير والتبن واوراق التين والكرم والتوت والأزدرخت
والجزة وقشر قضبان التوت وخضراوات أخر.
النحل وتربيته: ليست كل الحشرات مؤذية بل منها ما يعد
من اكبر الاعداء لسواها من الحشرات التي تسطو على
المزروعات كما مر. ولذا اصطلح الزارعون الحديثون على حفظها
وتوفيرها فبعضها تفيدنا بحاصلاتها كالنحل ودودةالقز. وقد
سبق البحث عن هذه الاخيرة فلنبسط الكلام الآن عن النحل
ومنه نجني العسل والشمع فضلا ً عن فائدته لبعض النباتات
والاشجار المثمرة خاصة اذ انه بتنقله من زهرة الى زهرة
وولوجه في اكمام هذه الازهار يحمل منها مادة التلقيح الى
ذكور النبات فيأبرها ويؤمن غلة الاثمار كما أنه يحدث
تأثيرا ً مهما ً في نجاح باقي المحصولات وزيادة خصبها.
وكانت صناعتها منتشرة في لبنان ولا تزال مألوفة حتى يومنا.
وبعض المحلات تغل كميات وافرة من العسل. على ان احسنه
واشهره يصدر من فاريا ومزرعة كفرذبيان وبلونة وساحل علما
في كسروان. ثم من العاقورة وتنورين في قضاء البترون ومن
بسكنتا في قضاء المتن وستخرج ايضا ً كمية منه في الهري من
قضاء الكورة.
لما كان النحل قديما ً يعيش على نشوء الطبيعة كان يبني
خلاياه في تخاريب الصخور وتجاويف الاشجار وكان زراعونا
يجنون العسل من هذه المواضع ثم اتخذوا للنحل خلابا ليعسل
فيها فينقلونها صيفا ً الى الجرود ثم يعيدونها الى الساحل
في فصل الشتاء. الا ان تحسين الخلايا قل ما تقدم في لبنان
بينما نرى الاوروبيين يحرصون على تحسينها فيجنون من ثم
عسلا ً اوفر واجود. ثم اخذ البعض من الالمانيين
والسويسريين بادخال الطرق الحديثة في تربية النحل الى
المستعمرات في فلسطين فحصلوا على ثلاثة مواسم في السنة
أعني عسل زهر الليمون وعسل زهر الصعتر وعسل زهر السمسم
وابتدىء باستعمال هذه الطرق في لبنان. ويعدلون محصول النحل
في لبنان بسبعة آلاف أقة سنويا ً. فنحض الزراع على توسيع
تربية النحل في اراضيهم لان وجودها كما تأيد بالاختبار
يزيد الخصب ويحدث تأثيرا ً مهما ً في نجاح المحصولات.
دواب النقل: هي الخيل والبغال والحمير. ان منفعة
الدواب لا تنكر خصوصا ً في الجبال اذ كانت في السنين
الاخيرة اخص وسائل النقل ولم يزالوا يعولون عليها كوسائط
للنقل في اكثر المحلات وخصوصا ً البغال لانها اقوى بنية ً
واثبت قدما ً من الخيل في الجبل. ان اجناس الدواب الموجودة
في الجبل قوية جيدة ويصدر منها الحمير والبغال. ومن جملة
دوابهم في الجبل لحمل الاثقال الجمال يستجلبونها من
الداخلية الا انها قليلة ويقدر عدد الخيل بنحو 6400
والحمير 7000 والبغال 2000 والجمال 550.
البقر: ان هذه الحيوانات تستخدم للحراثة ويربى
البعض من زراعينا البقر الحلوبة الانتقاع بجليبها واكثر
وجودها في السواحل فينقل حليبها الى المدن المجاورة ويباع
فيها وعندما لا يتيسر للبناني بيع حليبه فيروبه لبنا ً
وسيأتي عنه الكلام.
ان بقر الفلاحة في الجبل قوية لكن البقر الحلوبة لا تعطي
الكمية المرغوبة من الحليب الا ما ندر. ويمكن زيادة درها
بتحسين علفها مع الاعتناء بتأصيلها. ويسهل في سواحل لبنان
تربية البقر الخيسي متى زيد الاهتمام والاعتناء بالعلف.
اما جنس الخيسي هذا فاتانا من بلاد مصر وهو من اجود
الاجناس الحلوبة لكنه لسوء الحظ اصبح نادرا ً في سوريا على
اثر تتابع انتشار الطاعون البقري في سهولنا وكاد جنسه
ينقرض. ويعدلون عدد البقر بنحو 39000 منها 12000 للشغل.
الضأن: يربون عندنا جنس الضأن المعروف بالخروف
القرماني وهو ذو الية سمينة ادخله الاتراك الى بر الاناضول
وهو قليل في الجبل يكتفي كل بيت بتربية خروف لمونة الشتاء
يستجلبونه من الداخلية من جهة ارض روم فيعلفونه وباواخر
تشرين يغلون لحمه في دهنه وهو القورمه. وطريقة العلف
المصطلح عليها هي التلقيم فيغسلون الخروف مرتين كل يوم
وتلقمه النساء طول النهار ورق التوت وورق عريش او تين
فيبلغ في الخريف اوان ذبحه وزنه قائما ً 30- 35 رطلا ً او
20-23 من اللحم الصافي و7 الى 9 ارطال دهن اما ما يلزم من
الضأن للمجازر فيستوردونه رأسا ً من داخلية البلاد ويقدرون
عدد الضأن في الجبل بنحو ثلاثة آلاف رأس واكثر مقطوعية
اللحم في جهاتنا من هذا الصنف.
الماعز: يقدر عدد الماعز في الجبل بمائة الف راس
يتركونها ترعى في الاحراج من غير ادنى اكتراث فاصبح آفة
للغابات كما بينا ذلك ولا يمكن اللبناني الاستغناء عنه
لانه فضلا ً عن لحمه ينتفع ايضا ً بسواده لمزروعاته وعليه
تقريبا ً يترتب نجاحها لكن يمكن تلافي اضراره بان يمنع
دخوله في الغابات الحديثة الاغراس ويمكن ايضا ً استبداله
تدريجا ً بالبقر وذلك بتوفير المراعي والاشجار العلفية
فتزيد الارباح اضعافا ً.
ان تربية البقر لا تقتصر فائدتها على الاعمال الزراعية فقط
كما ألمحنا اليه بل انها تدر علينا من الخيرات بما نجنيه
من لحمها وحليبها مع تنوع استحضاراته من زبدة وجبن وقريشة
ومن جلدها فضلا ً عن سوادها. ولا يخفى ان احسن انواع الجبن
تصنع من حليب البقر ومنه تصنع اجناس الجبن المشهورة في
اوربا والاشقوان والحلوم من اجناس جبن مملكتنا المرغوبة في
بلادنا بينما انا نصنع جنسا ً واحدا ً من الجبن الابيض مع
حليب الماعز واحيانا ً الضأن فيؤكل طريا ً وما بقي يكبس في
الملح او الزيت للمؤنة ويصدر جانب منه ايضا ً الى السواحل
السورية. ولا شك اننا اذا اعرنا هذه المسألة التفاتنا نكون
من الرابحين. هاك بلاد سويسرا الجبلية وما لنا الا ان
نقتدي بها في هذه المسألة كما في غير مسائل ايضا ً فان
الموارد من المواشي اصبحت عظيمة فيها وهي قسم مهم من غذاء
الشعب فضلا ً عما يستفاد منه بتصديره الى الخارج. فبلغت
قيمة الصادرات هناك من الجبن والحليب المجمد في ابتداء هذا
القرن السبعين مليونا ً من الفرنكات.
الخنزير: ادخلت تربيته في لبنان خاصة ً في السنين
الاخيرة وهو من الحيوانات التي تعطي لحما ً باقل كلفة اذ
انه يقتات من نفايات يأباها باقي الحيوانات ويعد من
الحيوانات المجدية للربح الوافر.
الدجاج: لا تخفى اهمية الدجاج الاقتصادية فانه لا
يصلح فقط للطعام بلحمه وبيضه بل يجدي صاحبه ارباحا ً وافرة
بتصديره الى البلاد الاجنبية. قد اعتاد اهل الجبل ان يربوا
في كل بيوتهم عددا ً من الدجاج. والجنس البلدي اذا أتقن
علفه يزيد لحمه وبيضه. ويوجد في الخارج اجناس اجود أدخل
بعضها الى بلادنا منها ما يمتاز بكثرة بيضه ومنها بوفرة
تناسله او قابليته للتسمين. فيلزم اختيار ما يوافق الغاية
المقصودة. على ان بعضها لا يوافقها مناخ بلادنا. ويحسن
بسكان الجبل ان يكثروا تربية الدجاج للاسباب المذكورة آنفا
ً ثم لان تربيته لا تقتضي اعتناء زائدا ً ولانه يفني كثيرا
من الهوام والحشرات. واذا اردت تسمين الدجاج فعليك ان تحجر
عليها وتقيتها مرتين في النهار بمعجون من طحين الشعير او
الذرة.
تبيض الدجاجة عادة ً 50 بيضة في السنة اما الدجاجة البيوض
فتبيض 120 بيضة واكثر ويستعملون الآن لتفقيس الدجاج آلات
خاصة سهلة المنال. ان كمية البيض الذي تورده شواطئنا الى
الخارج هي عظيمة فمرفأ اللاذقية وهي اخص المراكز التجارية
لهذا الصنف تصدر سنويا ً الى مرسيليا من تشرين الاول الى
آخر اذار الف وخمسمائة صندوق بيض طري و1300 الى 1400 برميل
صفار البيض بسعر 100 فرنك البرميل و45000 الى 50000
كيلوغرام بسعر 300 الى 400 فرنك المائة كيلو ألبومين او
بياض البيض تستحضرها في سبعة معامل ويصدر ايضا ً كميات
مهمة من طرابلس والاسكندرونة وحيفا وتوازي قيمة ما يصدر من
دمشق ومن بيروت عن طريق هذه المدينة ثلاثمائة وخمسين الى
اربعمائة الف فرنك.
ديك الحبش والبط والوز: ان اجناسها قليلة في الجبل ويمكن
التكثير منها واذا أتقن علفها تعطي محصولا ً وافرا ً من
اللحم خصوصا ً اذا صار تلقيمها كما هو جار للبط والوز في
كثير من قرى فرنسا والمانيا فيضخم كبدها وقد اشتهرت عموما
ً علب الاكباد المسمنة التي تستحضر في هذه المحلات.
الخلاصة
ان اراضي لبنان هي جبلية فلا تساعد هيئتها على الزراعة
الكبرى. وقد توصل اللبناني بكده وجده الى اكتساب قسم منها
للزراعة البيتية الضرورية لمعيشته. وبما انه لم يعد في
امكانه توسيع نطاق الزراعة في الجبل باستئصال الاحراج صار
من الواجب عليه ان يحسن نوع الزراعة ويتقنها. لان المداومة
على اتلاف الاحراج تضر بصوالح البلاد والسكان. ولا يخفي ان
بعض الاراضي تصلح للاحراج لا للزراعة فضلا ً عن ان الاحراج
هي ضرورية لها ولحفظ التربة ولتوفير المياه ولطيب المناخ.
فيلزم اذا ً ان نحافظ عليها ونجددها ونستثمرها بانتظام
ونطعم الاشجار القابلة التطعيم فيها. اما اذا اهملنا
الاحراج وضحيناها فنضحي معها ارباحا ً ذات شأن في
المستقبل.
ومعلوم ان زراعة لبنان هي بالاجمال متأخرة بينما نرى
التحسينات تجري تباعا ً على قدم وساق في الممالك العامرة
فيكسبون منها محاصيل وافرة وثروة طائلة. ثم ان ادوات
زراعنا مخلة لا تفي بالمقصود وهم يجهلون استعمال ادوات
الحراثة المستحدثة وينقصهم ايضا ً السماد لقلة مواشيهم.
ان عصرنا عصر تقدم وقد اصاب الزراعة من هذا التقدم نصيب
كبير فلا بد اذا ً من استعمال الاساليب التي اختبر العلماء
فائدتها لتحسين الزراعة فنحصل منها على موارد عظيمة لان
اراضي لبنان مخصبة منبتة والتربة طيبة ويمكن ان ينبت فيها
ما لا ينبت في غيرها والمياه متوفرة. فاذا كانت الزراعة
متأخرة فلا تثريب على الاراضي اللبنانية بل على
اللبنانيين. وقد زاد في تأخرنا التغير الذي حدث في سوق
التجارة ومزاحمة الواردات الاجنبية.
هذا ولا مندوحة من زرع اصناف مختلفة فيتوزع العمل على مدار
السنة حتى اذا خاب املنا في صنف نربح من صنف آخر. وعليه
يجب تكثير الاشجار المثمرة وتحسين اجناسها وخصوصا ً
الاجناس التي تبقى زمنا ً طويلا ً وتنقل بسهولة وبدون عناء
زائد كالجوز واللوز والليمون والسفرجل وبعض اجناس التفاح
والتين الناشف والزبيب والدبس والمربيات والخمر والعرق
الخ.
وبقولنا انه يجب على اللبناني ان يتصرف في انواع الزراعة
لا نعني استعمال كل اجناس الزراعة التي يحتاج الى
محصولاتها لان بين هذه المحصولات عدة اشياء يمكنه ان
يستوردها من الخارج باقل كلفة مما يمكنه ان يحصل عليها
بشغله الخاص اذ لا يسهو عن بالنا ان اول مبدا في الزراعة
هو ان ننال اوفر المحصولات باقل ما يمكن من النفقات.
ان اللبناني قد خصص معظم اهتمامه بزراعة التوت ويا ليته
أحسن طرق تربية دود القز وانتقاء اجود البزر وتأصيله في
بلادنا لتحصل على جنس يوافقها لان البزر الاجنبي لم يف
بالغاية المطلوبة بينما كان البزر البلدي القديم يعطي
نتيجة حسنة في جميع جهات الجبل.
ويحسن ان يفطن الزراع لهذا الامر الخطير وهو انه بقدر ما
يسعى الزراع لتحسين زراعته بقدر ذلك يزداد النبات رقة
وتأثرا ً من تقلبات الجو وطوارئه فتظهر الامراض وتفتك في
الزرع. فمع تحسين مزروعاتنا يجب تلافي الامراض التي يمكنها
ان تسطو عليها كما اوضحنا ذلك.
لكن لا بد لتقدم الزراعة من تنشيط الحكومة وحمايتها. فعلى
الحكومة ان تنشىء مكاتب تلقي فيها العلوم الزراعية وطرق
تربية دود الحرير وكيفية اصطناع الجبن وغيرها من الصناعات
الزراعية.
وعلى الحكومة ايضا ً ان تؤسس جمعيات زراعية تكون غايتها
المدافعة عن مصالح الزراعة اللبنانية وتفرعاتها الاقتصادية
والعمومية ونشر فوائد الزراعة الفنية واعطاء الاهالي
النصائح وتنشيطهم على العمل وانشاء مختبرات يرجع اليها
ومشاتل لتعميم المزروعات التي تكون اختبرت منفعتها والسعي
بعقد مؤتمرات زراعية يشترك فيها ارباب الزراعة ويتداولون
فيما يعود عليهم بالفائدة. فباقدام الحكومة على مثل هذه
الاعمال الخطيرة التي لايقدر سواها ان يقوم بها تساعد
اللبناني في سبيل نهضته وتؤمن له سعادته المادية في الحاضر
والمستقبل وتقرب للجبل النهضة الاقتصادية.