To the Muslim Brothers in Lebanon

الى الاخوة المسلمين - لبنان... جبين لا ينحني - بيروت - 1978 - أبريزا المعوشي (مقتطف)

منذ سنة ونحن نتمزق، فجئت أكتب اليكم، لأبثكم شعوري.

هل نسينا أيها الأخوة، اننا خلقنا معا ً على ارض واحدة، ضمن وحدة عائلية لا يمكن أن يمحوها الزمان. فان استبد بنا القلق، فمنكم نستمد الهدوء.. وان ساورتكم الاحزان فنحن لكم العزاء..

فكلماتي اليكم صادقة، وهمساتي استليت حنينها من الوجدان. تعالوا نمد أيدينا لبعضنا ونتصافح. بالمحبة نغسل الحقد ونزيل الأحزان، التي غمست بها قلوبنا!!

تعالوا نبدد الظلمة عن صدورنا، ونفتح نوافذ الأمل، ونضيء الدروب بنور المحبة والغفران، فهكذا نبني لبنان!!

انه لكم كما هو لنا، هو بيتنا، فلنتحد أنتم ونحن، كما الروح والجسد. فالشوق يصرخ في قلوبنا، لقد طال بعادكم عنا!!

ما تكسر نهار على دوي المدافع وأزيز الرصاص، الا كان في نفوسنا عويل نبكي لحالكم، ونبكي لحالنا.

أمنيتنا أن نكون معا ً، نعيش معا ً كالأمس القريب، عهد الأيام الغوالي!! نريد ان تتفرع أغصان حبنا، لتظل كل لبنان، كل كائن أو جماد، يملأ الحب بعضنا البعض حتى الارتقاء!!

قد نكون نحن بدائيين بحبنا.. ولكن أليس هكذا، يكون الحب الأخوي؟ كالرعد عنيفا ً، كالقدر قويا ً، كالأم مسامحة ً، كالحقيقة صادقة؟!!

الشوق يصرخ في صدورنا، لقد اشتقنا اليكم. والله أعلم بلوعة الفراق!! فلنا بينكم أصدقاء، بل أحباء.. في القلب منزلتهم.

كنا نقتسم الرغيف الواحد، نتقاسم الأحزان والأفراح!! واذا ما حل الليل لم نكن نحمل هما ً، ما دام أحدنا عند الآخر، لا نفرق بين منزل وآخر، فالبيوت كانت كلها بيوتنا!!

والأعياد هل نسينا أفراحها؟ كنا نحتفل بعيد الاضحى، كأنه عيد الميلاد. كنا نطير بقلوبنا الى بعضنا، حاملين الهدايا والتمنيات!!

كم كان حزينا ً عيد القيامة هذه السنة؟! لم أر لاصدقائي المسلمين وجها ً، عفوا ً، قلت مسلمين، ومتى كنا نذكر انتماءاتنا الدينية؟؟ ولكن معذرة، فجنون الفتنة، أرغمني على التسمية!!!

أبعدونا عن بعضنا، زرعوا دروبنا الغاما ً، وما تجرأنا ان نغشى دياركم، ولكنهم ما استطاعوا ان يزرعوا قلوبنا كرها ً لكم!!!

فيا اخوتي المسلمين، ان الحب متأصل في قلوبنا، زرعته دهور، ورعته أخوتنا، وسقته ينابيع واحدة كانت تسقينا جميعا ً، فمهما حاولوا، بذر الكره، وعملوا للتباعد بيننا، فلن يستطيعوا.

قد يتمكنون من اثارة غضب بعضنا على بعض، ولكن الغضب يزول، عندما تشرق شمس المحبة!!!

قد يستطيعون ان يخدروا محبتنا بعض الوقت، ولكن هذه المحبة تبقى متقدة، وأقل نسمة خير، تذري عنها رماد الحقدج وتعيدنا الى سابق عهدنا، أكثر شوقا ً وأمتن صلة، وأعمق جذورا ً!!!

نحن أخوة شاءت أبالسة الفتن أو أبت... فحبنا أقوى من حقدهم... حبنا بني ثابتا ً كصخور لبنان، لذلك لن يتزعزع، مهما هبت عليه العواصف، ومهما تألبت عليه رياح الضغينة والأحقاد!!

حبذا لو تعلمون ان حبنا وحبكم، هما نسيج فريد متداخل بعضه ببعض، فمن الصعب تمزيقه، ويوم يتمزق، يقطع معه نياط القلب!!

هل تظنون ان المسافات البعيدة أو القريبة، تستطيع ان تمنع العاطفة من ان تطير وترفرف فوق من تحب، وتعانقهم بعد لوعة فراق وهجران؟!

ان العاطفة ليست مادة تحفظ بوعاء! أو تسجن في مكان! انها رياح عاتية تجتاح كل من يقف في طريقها، مانعا ً اياها من اللقاء!!

ومحبتنا أيها الأخوة المسلمون، لم تتغلغل في أفئدتنا عرضا ً عابرا ً، بل قد تأصلت من جوهر الروحانية الأزلية، وليس لأي طارق أو غريب سلطة عليها فواقعنا وتعايشنا هما للعالم أمثولة!!

شوقنا لرؤيتكم عظيم، فلا عجب، فأنتم منا الأخوة والعضد!! صغير لبنان هو في رقعته، ولكنه لكلانا متسع... فشبر واحد يستوعب حبيبين، والدنيا بأسرها، لا تتسع لمبغضين اثنين!!

لنفتح نوافذنا، كي يدخل منها نور التسامح، وليخرج من منازلنا، ومن قلوبنا، غبار الحقد!! هل نسينا أننا بشر، سنزول وننتهي كالمواسم، وستبقى حكايات اتحادنا تتناقلها أجيالنا، لتكون حجر الزاوية، والقاعدة المتينة، التي يبنى عليها لبنان الجديد.

كل بناء لا يكون القلب مبعثه، والايمان رائده، ينهار على من فيه، ولو بعد دهر.

ودمتم يا اخوتي

الامضاء: أنا الصادقة
من صوت لبنان صوت الحرية والكرامة.

18/4/1976