Actor Michel Jaber

قلائل صمدوا في محترفه - ميشال جبر يكشف الممثل أمام الجمهور
النهار 22.1.1998

يأخذ المخرج ميشال جبر على جامعاتنا التي تدرس فن المسرح افتقارها الى المحترفات، فالعرف يقضي بأن يقصد الطالب المحترف الذي يريده في الجامعة، لا الجامعة نفسها. والسبب في رأيه افتقار هذه الجامعات الى الكادرات، اضافة الى التلطي وراء الآخرين. فاذا نجح الممثل تبنوه وقالوا: "هذا تلميذي واذا فشل تبرأوا منه". أما شروط صاحب المحترف، فيختصرها بالخبرة والمؤهلات العلمية والدرس، وان يكون "صاحب خط ومنهجية ودائرة أفكار فنية جمالية ومفاهيم يسعى الى تأكيدها كخط فني".

اسلوبه المسرحي يرتكز على الممثل في الدرجة الأولى، وربما على حساب عناصر المسرح الاخرى، كالديكور والسنوغرافيا والبدع الاخراجية. لذا يظهر الشرخ مباشرة في مسرحه كما يقول، لأن الممثل لديه مكسوف أمام الجمهور وعليه اثبات جدراته بنفسه، فاما ان تتجلى مقدرته واما يظهر ضعفه، فهو يقدم الى الممثل هيكلية الدور، فاذا كان بارعا ً طور هذه الهيكلية واضاف اليها من ذاته بمرونة.

وجبر شديد التطلب من ممثله. فمعه لا حدود للتعب او الوقت، ولا فصل بين الحياة الشخصية والحياة المسرحية، بمعنى ان لا حياة خاصة لدى الممثل الذي التزمه، تصرفه عن الحياة المسرحية. ولذا يعترف بأن قلة صمدت معه وتحملت متطلباته. والتزام الممثل اياه لا يعني التعاون التام معه مدى العمر وعدم العمل مع سواه ، بل ان يأخذ منه القاعدة والاساس واذا شاء التزمهما أو خرج عنهما وطورهما.

مآخذه على الممثلين انهم لا يسقطون اقنعتهم ويتعرون في مختلف احوالهم، بخوفهم وقلقهم وترددهم وانسحاقهم وشهوتهم. فهذه المشاعر ان لم تتفجر ظلت باهتة باردة. لذا، يجب المضي فيها حتى النهاية. والممثل مهما بلغ يجب ان يتواضع، ويتحمل تحطم اعتداده بنفسه، وهذا ما لا يتقبله. من هنا، ما زال يحلم بأن يكون لديه ممثلون كما يتمناهم، لا يتجاوز عددهم اربعة.

وميشال جبر الباحث عن الاستقرار في محترف ثابت، يعمل الآن على مونولوجات سيعرضها على الجمهور، وعلى عمل قوامه الصمت سيقدم للصحافة أواخر هذه السنة. ويحضر أيضا ً دورة مسرحية لعناصر تمثيلية تتقن فن الغناء مثل كارول سماحه التي يعترف بأنها تستوعب طريقته في العمل، ويهيئها تاليا ً لتتابع طريقته، فلديها القدرات وقد تنجح حيث فشل كما يقول، لأن لديها الحضور المسرحي والطبع الاهدأ من طبعه. فماذا تقول كارول، خريجة المسرح في جامعة القديس يوسف وتلميذة ميشال ورفيقته في محترفه، منذ افتتاحه مطلع الخريف المنصرم في "مسرح مونو" في الاشرفية؟

"تحمست لفكرة المحترف وقررت الاشتراك مع ميشال معلمة مسرح، فاكتشفت ان التعليم أفضل طريقة للتعلم واكتشاف الاخطاء وتصحيحها. اتبنى في المسرح منهجية جبر المتأثرة بطريقة ستانيسلافسكي الروسية، وانا مرتاحة الى العمل معه، واذ عملت مع سواه أعود اليه لتنظيف ما علق في من ترسبات".

كانت تحلم في طفولتها بأن تصبح مغنية، وخلال درس الغناء اكتشفت ميلها الى التمثيل، فدخلت اختصاص المسرح وأهملت صوتها،وهي الآن تعمل مع رونزا على اعادة تأهيله وهمها أن يعترف بها الناس مغنية وممثلة.

الاخراج تعتبر انه تتويج لمرحلة ليست مستعدة لها بعد، فدونه الكثير من الاستعداد، وهي الآن تتابع دراسات عليا في المسرح وتطالع كثيرا ً لتكوين خلفية ثقافية وخبرة، وتتدرب كذلك على الرقص. كل هذا لتكون جاهزة يوما ً للاخراج. وما تطمح اليه مسرح غنائي حقيقي فالمشكلة عندنا، تقول، كما في الشرق الاوسط كله، هو افتقارنا الى الممثل الذي يتقن كل الفنون: الموسيقى والغناء والرقص لانها باتت حاجة اساسية للمسرح. وتختم بنصيحة لاصحاب الاصوات الجميلة: "اذا كان لديكم حب للمسرح فيجب الا متناع عن الغناء في المطاعم، لأن الفن الراقي مكانه خشبة المسرح".

انطوان سركيس