The Judge Labib Zouein

القاضي لبيب زوين

أبصر النور في بيروت في العام 1937، وهو من بلدة يحشوش في فتوح كسروان.

كان لولادته في العاصمة أسبابها الاقتصادية والاجتماعية. فوالده أديب، الذي تلقى علومه في مدرسة المزار في غزير، وهي وقف لآل زوين، أراد الانتساب الى كلية الطب في جامعة القديس يوسف. لكن الجامعة اضطرت الى اقفال أبوابها بسبب اندلاع الحرب العالمية الاولى في العام 1914. وعند اعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920 في ظل الانتداب الفرنسي، انصرف أديب زوين الى تعليم اللغة الفرنسية، ومادتي التاريخ والجغرافيا في بيروت، عند الآباء اليسوعيين وفي مدرسة الحكمة، والمدرسة البطريركية، والكلية الاسلامية، ثم انتقل لاحقا الى التعليم الرسمي وحاز على وسامي التربية الوطنية والقبر المقدس.

كان شقيقاه في عداد كهنة أبرشية بيروت المارونية. فالخور أسقف جرجس، الذي كان يتقن سبع لغات، تسلم ادارة مدرسة الحكمة بين عامي 1924 و 1926 وحاز على وسام جوقة الشرف الفرنسية، والخوري يعقوب خدم رعية سيدة العطايا في الأشرفية طوال ثلاثين عاما ً. أما شقيقه الثالث، الخورأسقف فرنسيس، فترأس دير مار روحانا - البقيعة في عرمون، وهو أحد أوقاف ال زوين.

لم تبعد الحياة العملية الاستاذ أديب، عن بلدته يحشوش، فكان يتردد اليها دائما ً، لا سيما في فصل الصيف، كي يبقى ابناؤه على تواصل مع هويتهم الأصلية.

في هذا الجو، تربى القاضي لبيب وترعرع، متلقيا ً علومه في مدرسة الحكمة، حتى نال شهادتي الباكالوريا القسم الاول، اللبنالنية والفرنسية، وفي العام 1958 نال شهادة الباكالوريا القسم الثاني.

وفي العام نفسه، التحق بكلية الحقوق في جامعة القديس يوسف، ليحصل في العام 1962 على شهادتي الحقوق اللبنانية والفرنسية. تدرج بعدها، ولمدة ثلاث سنوات، في مكتب المحامي فايز حداد، الذي أصبح نقيبا للمحامين في بيروت بين عامي 1968 و1970. وبالرغم من العرض الذي قدمه المحامي حداد لزميله الناشىء، بتسليمه ادارة مكتبه، قرر المحامي زوين دخول ميدان القضاء، مفضلا الفصل في الدعاوى على المرافعات والاجتهادات القانونية. فتقدم في العام 1965 من مباراة القضاة المتدرجين واحتل المرتبة الاولى. وبعد أن أجتاز بنجاح فترة التدرج في معهد الدروس القضائية، عين قاضيا أصيلا في 12 ايلول من العام 1966.

اقترن في 17 آب من العام 1967 بماري كلود اتيان هندية، ورزقا بصبيين، المهندس المعماري كارل - أديب، الذي يتولى منذ العام 2009 رئاسة بلدية يحشوش، ونديم الذي يقوم حاليا بمهام قاضي الامور المستعجلة في بيروت.

شغل القاضي لبيب زوين منذ العام 1996 مراكز قضائية عدة، منها: قاضي التحقيق الاول في مدينة بيروت، قاضي تحقيق عدلي، رئيس محكمة جنايات بيروت، رئيس محكمة المطبوعات، رئيس الغرفة الاولى في محكمة التمييز، عضو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، عضو المحكمة العامة في محكمة التمييز.

شارك في ندوات ومؤتمرات قانونية عدة، كما مثل وزارة العدل اللبنانية في مؤتمر مكافحة الارهاب الذي انعقد في مدينة سيراكوزا في ايطاليا في العام 1990.
كرمته الدولة اللبنانية تقديراً لأعماله، فمنحته وسام الارز من رتبة كومندور، كما حاز على جائزة في القانون الدستوري من جامعة ليون في فرنسا.

وبالرغم من احالته على التقاعد في العام 2006، ما زال القاضي لبيب زوين يشغل مناصب عدة منها: رئاسة الشرف في الغرفة الأولى في محكمة التمييز، كما يشترك حاليا ً في عضوية لجنة تحديث القوانين في مجلس النواب.

اصدر كتابا بعنوان "استراتيجية البناء - بقاء تعددية لبنان كي يبقى لبنان". ويعمل حاليا على اصدار دراسة مسهبة حول أسس ووظيفة النظام، وقانون الانتخاب في الوطن اللبناني التعددي.

القاضي لبيب زوين، اسم كبير في عالم القضاء. نذر النفس للعدل والانصاف، وما أسكرته الشهرة، فحمل الرسالة أربعين عاما ، "منشغلا ً عن متع الدنيا بشدة الحرص على نذوره".

القاضي لبيب زوين "لبيب من اشارة الحق يفهم"
الوزير السابق الأستاذ جوزف الهاشم

يكرمني القاضي لبيب زوين، عندما أتكلم في حفل تكريمه، لأنه واحد من قلة نادرة، لا تزال منزهة عن العيب والدنسن ولأنك ان تناولت فيه جليل المكارم صدقت، فيما التحدث عن صفات السواد الأعظم من أهل هذا الزمان، يوقعك في حرج من التناقض مع الذات، فان مدحتهم كذبت، ان هجوتهم سففت!

لبيب زوين، انطلق من بيت وهاج بالمحبة والايمان، ومن سلالة ضربت جذورها في الصحراء، الا أنها تعشقت العاليات، فارتقى معها لبيب الى قمة جبل موسى. وان صدف أن هبط به الخطو، تراه يتسلل الى وادي أدونيس مغافلا ً التنين لمغازلة عشتروت.

في زمن انهيار القيم تتزعزع الأوطان، وتتفكك المجتمعات، وتنتحر المبادىء على أسنة اخناجر...

وحين تكم الأفواه وتتكلم الفوهات، وتسقط المقامات، وتتعرض السيادة للانتهاك، والمستقبل للافتراس... وحدهم أبناء الأصل، المحكومون بالتاريخ يتمسكون بالتراث، ويحافظون على الارث، ويحرصون على المصير.

لبيب زوين، هو ابن الأرومة الأصيلة المسربلة بالقيم والمبادىء والأخلاق، وفي الأخلاق ارتقاء للأمم وحياة للشعوب، "فأن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"... وقد ذهبوا.

انه، مثال وطني ثقافي رؤيوي قضائي لبيب... يفهم من الاشارة على أنها اشارة للحق، وبها يزن العدل بميزان الذهب.

هذا الذي لا تبهره المراتب والقصور، لا يزال قصر العدل يردد صدى وقعه الطيب، وقد ارتدى ثوب القضاء فعطر الثوب، وأدى قسطه للعلى وخرج، وعلى جبينه عبق من الطهر المريمي.

اعتلى القوس أمينا ً على معناه فاغناه...
ما زاده الضغط الا عنادا ً، وليس على حكمه غير الله شاهد...
علم على حكمة على مثالية مطابقة لأحكام العقل...
شجاعة على وداعة...
صلابة على مرونة...
أنفة على براءة...
صدق على استقامة...
تقشف على غنى ً في الذات...
تخشع على دماثة وعفة...
وتواضع حتى الانحناءة لغسل أرجل التلاميذ...

عرفته صديقا ً نادر المحبة والوفاء، منزها ً عن الهوى والغرض، وفي الصداقة وحدها يختل معه الميزان في عطاء لك وسخاء، كأنما يقول بلسان الشاعر:

اذا مرضتم أتيناكم نعودكم
وتذبون فنأتيكم ونعتذر

وقل: انه لفرط وفائه لا يتورع من أن يكون صديقا ً لصديق صديقه، فاذا نفسه تذوب في الآخر، على ما يقول بوذا: "ما أظنه "الأنا" هو في الحقيقة "أنت".

أستغفرك أخي لبيب، وأنا أجرح التواضع الذي فيك ونبل الشهامة والشيم، وأعرف أنك لا تحب الاطناب تفخيما ً واللقاب تعظيما ً، ولغيرك تحب المدائح والتكريم.

ألا دمت لبيبا ً رائدا ً، بك يقتدي المكرمون، وبك نفخر ونكبر.