Village of Aley - What the Municipality have done

بلدية عاليه... - عاليه... عروس المصايف السياحية - من كتاب حديث بلديات

"عاليه عروسة لبنان... عاليه أرزة الجبل"، ربما يختصر مطلع هذا النشيد سيرة المدينة التي وضعت المدماك الاول في عمود السياحة والخدمات في لبنان، وكانت مدخلا لتاريخ الاصطياف اليه بعد أن كانت مركزا ً للمجلس العرفي العثماني، وتعاقبت عليها القوات الفرنسية والانكليزية التي حكمت لبنان حتى الجلاء، فسكنها الجنرال غورو، كما ولد وعاش فيها المؤرخ المعروف بابن سباط العاليهي، وكانت مصيفا ومحل اقامة رؤوساء الجمهورية مثل بشارة الخوري وشارل حلو، ورؤوساء الوزارة والمجلس النيابي مثل رياض الصلح وتقي الدين الصلح، حسين العويني وكامل الأسعد وغيرهم. زارها العالم الروسي الكبير كرايمسكي عام 1897، ثم امبراطور الحبشة هيلا سيلاسي، والرئيس السينغالي سينغور سنة 1966، واحتمى في ثناها الملك فيصل الاول والجنرال غورو في تموز سنة 1920، كما كانت مقرا ً للجيش التاسع البريطاني في الحرب العالمية الثانية. وانعقد فيها في تموز 1947 المؤتمر الاسلامي – المسيحي للدفاع عن عروبة فلسطين، كما اجتمع فيها مجلس اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية في آب سنة 1948 وقرر استمرار الهدنة بين العرب والصهيونية في فلسطين... وهي تعرف منذ منتصف القرن الماضي بأنها "الدوحة الصغيرة" نظرا ً لانها كانت مركز اصطياف أمراء قطر ومواطنيها، وثمة شارعا في المدينة يحمل اسم قطر، هذا الى جانب علاقاتها المميزة مع كافة الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت وغيرها.

وبفضل موقعها الاستراتيجي كمركز "قضاء عاليه" المطل على العاصمة، تؤرخ المدينة حركة الاصطياف منذ عام 1885 حين أنشأ فيها ميشال حبيب بسترس المصيف الأول، ثم مر فيها خط القطار الحديدي سنة 1897، وتأسس فيها أول مجلس بلدي سنة 1908 برئاسة الشيخ محمود تلحوق، فارتوت بأنابيب مياه الشرب سنة 1913 في عهده، وأنيرت بالكهرباء سنة 1924، وشكلت همزة وصل بين معظم محافظات لبنان وبين لبنان والعالم الخارجي عبر الخط العربي بيروت/ دمشق، وكانت معبرا ً تجاريا ً بين الدول العربية والبحر المتوسط. ولقد عززت اطلالتها على البحر عن ارتفاع 850 كلم الى جانب مناخها المميز والمعتدل وطبيعتها الجغرافية موقعها السياحي، حيث أصبحت عاصمة الاصطياف في جبل لبنان وعروس المصايف السياحية.

وفي تاريخها الانمائي، كانت عاليه على موعد لقاء مع "مياه الباروك" التي أنعشتها في تموز سنة 1955 في عهد رئيس البلدية الاستاذ نجيب الفقيه، ثم استمر العمل البلدي فيها على قدم وساق، منذ سنة 1998 برئاسة الاستاذ وجدي مراد، فأطلق فيها ورشة الانماء على كل الاصعدة وكان أولها المشروع الفني الثقافي الرائد والفريد في لبنان "السيمبوزيوم الدولي للنحت"، الذي نفذ بالتعاون والتنسيق مع جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت سنة 1999 واستمر على مدى أربع سنوات، فتزينت منطقة رأس الجبل وشارع البيسين وبعض الشوارع الداخلية في المدينة بابداعات أزاميل الفنانين اللبنانيين، العرب والأجانب، الأمر الذي دفع العديد من البلديات اللبنانية لتحذو حذوها.

وشكلت مدينة عاليه التابعة لما يسمى "قصبة الغرب" نموذجا ً جديدا ً للادارة المحلية منذ عهد العثمانيين، حيث انيطت بالادارة البلدية الشؤون المحلية والأهلية، واستكملت النهضة منذ العام 1889 مع سكة الحديد وشق الطرقات للعربات، ثم متابعة زراعة الأشجار وتحسين الشوارع وشبكات الصرف الصحي، وارساء قواعد الحركة التجارية والسياحية عبر خلق جو مؤات للاستثمار واستقدام رؤوس الأموال من المغتربين اللبنانيين والعالم العربي، فكان على المجلس البلدي الأول الذي انتخب بعد الحرب أن يعمل بمهام استثنائية، فانطلق في ورشة البناء عبر اعادة البنى التحتية في الاحياء والشوارع التي تكثف فيها عدد السكان. وكان الانجاز السريع في اصلاحها ملحوظا ً في فترة زمنية قياسية بذل فيها المجلس البلدي جهدا ً مضاعفا ً، فأعاد للمدينة دورها السياحي الاصطيافي والتجاري، وأعيد بناء اقتصاد المدينة بتضافر الجهود بين المجلس البلدي والمجتمع الأهلي ووزارة المهجرين مع الوزير ابن المدينة النائب أكرم شهيب، حيث تم اعادة ترميم واجهات الابنية والمحال التجارية في الشوارع مع الحفاظ على الطابع العمراني التراثي التاريخي الذي ميز شوارع عاليه في حقبة العشرينات من القرن الماضي.

واهتمام المجلس البلدي في تأمين مقومات القطاع السياحي في المدينة كان دافعا ً لانفتاح المدينة على المنظمات الاقليمية والدولية واقامة شبكة علاقات دولية واسعة، سمحت باقامة توأمة مع اكثر من مدينة في العالم بدأت مع مدينة "بيليم" البرازيلية وكان آخرها مدينة "تيراسا" الاسبانية، الأمر الذي بنى للمدينة علاقة مميزة مع "منظمة المدن العربية" و"الاتحاد الدولي للمدن والحكومات المحلية". كما أن تواصل المجلس البلدي مع البلديات في الداخل والخارج انعكس مشاريعا ً انتاجية في عاليه ساهمت في انتشار اسمها عربيا ودوليا مع الجهات المانحة كالبنك الدولي والاتحاد الاوروبي.

وضمن نشاط المجلس البلدي، حرص في تخطيطه للمشاريع الانمائية على مقومات عاليه من جهة، وحاجاتها وتطلعات ابنائها من جهة اخرى، وعلى الحفاظ على الطابع الريفي في عجقة الطلب على رخص البناء التي بلغت ارقاما قياسية مع نهضة المدينة، كما انطلق في عمله بهيكلية ادارية وتنظيمية وزعت على احدى عشر لجنة متخصصة لمواكبة كل النواحي الاقتصادية والانمائية والثقافية، بالاضافة لاعتماد المكننة والكومبيوتر والانترنت وتأهيل الكوادر فنيا واداريا ً. وهو يعمل كذلك لمواجهة التحديات الكبيرة في مواكبة التطور والحداثة مع الابقاء على المخزون الفكري والثقافي للمدينة، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتأمين حاجات الاجيال الحاضرة والمستقبلية.

الا أنه وبعد اكثر من 12 سنة من العطاء والابداع في العمل البلدي، ما زال رئيس بلدية عاليه وجدي مراد يشكو غياب الدعم الرسمي ويطالب بالانماء المتوازي في المناطق، ويطالب وزارة الداخلية بالوقوف عند مطالب المجتمع الأهلي، والعمل على تحقيق اللامركزية الادارية التي باتت مسألة ملحة، ومنح رئيس البلدية هامش اكبر للتصرف باموال البلدية ورفع سقف الانفاق له حتى لو مع التشدد في الرقابة المالية، وهو بذلك يؤيد توصيات "المؤتمر البلدي اللبناني الدولي"- التي طالبت بتأمين موارد مالية للبلديات وتحديد مسؤولياتها بشكل واضح في نص قانوني دقيق ومفصل. وقد نجح مراد بعصامية رجل الأعمال باستعادة مجد مسقط رأسه، وأنجز الكثير رغم معاناته الدائمة مع قوانين التجزئة والروتين الاداري وغياب السياسة الانمائية الصحيحة، وقد ملأ المنابر يناشد المعنيين ويشكو غياب القطاع الرسمي عن حاجات مناطق الريف، وهو كان مدركا ً منذ البداية لأهمية التعاون مع المجتمع الاهلي فنظر اليه ك"مكمل لا منافس" بما فيه الأندية والجمعيات الأهلية حيث لم يقصر في رعاية المؤتمرات والندوات والأنشطة الرياضية والتثقيفية، خاصة البيئية منها والمعنية بشؤون الشباب والتوعوية في سبيل تطبيق صحيح لقانون السير ومحاربة الآفات والمخدرات والتدخين.

وهنا لا يغفل رئيس المجلس عن ذكر الاهتمام الكبير للرئيس الشهيد رفيق الحريري بمناطق الاصطياف التي اعتبرها بترول لبنان، ويشكر الزعيم وليد جنبلاط الذي قدم ارضا ً للقيمين على انشاء جامعة البلمند في سوق الغرب والتي سيتم بناؤها خلال أربع سنوات، ويتوقع انشاء فرع ثان للجامعة اللبنانية في مدينة عاليه بعد أن تحولت شعبة كلية العلوم الاقتصادية وادارة الاعمال الى "الفرع الرابع" للجامعة، وافتتاح المعهد التكنولوجي الجامعي في عبيه / قضاء عاليه مؤخرا ً.

أما انجاز المدينة الرياضية التي اعتمدت رسميا ً مع خمسة ملاعب لاستقبال كأس آسيا لكرة القدم واستضافت العديد من الدورات الرياضية، فهو جزء من بعض المنجزات التي ساعدت المدينة في استعادة امجادها كمدينة نابضة بالحياة على مدار السنة، فالهدف الرئيسي الذي تحقق اقتصاديا ً هو تخطي الحركة الاقتصادية والتجارية في المدينة عقدة الاعتماد على نجاح او فشل موسم اصطياف، لأن سوق عاليه لم يعد ذات طابع محلي، بل بات سوقا مقصودا من كافة المناطق اللبنانية، مما حقق ازدهارا بفضل التعاون مع جمعية التجار في المدينة والجهود المشتركة المستمرة، الى جانب النهضة المصرفية الملحوظة في حضور فروع لمعظم المصارف اللبنانية في المدينة. و زائر عاليه لا يتمتع فقط بالمطاعم والسهر، بل يمكنه أيضا ً بالاشتراك في ناد متميز للفروسية، بالاضافة لأهمية تواجد مركز للتعرف على الحياة البرية في المدينة حيث الحيوانات الغريبة المتنوعة، وملعب رياضة التزلج على الصابون الفريدة في لبنان.

لقد تميز عمل مراد الذي سطر العطاء عنوانا ً والوفاء واجبا ً بالمشاريع الانمائية المتطورة، بدءا بافتتاح الأسواق التجارية والعمران، مرورا ً بالتشجير واستعادة المساحات الخضراء، وصولا الى تشجيع الصناعة، التجارة والمؤسسات السياحية وتعزيز الدور التربوي في المدينة. فعاليه كما يقول مراد عاشت في مخيلته دائما ً كما عرفها في عزها عروسا ً للمصايف منذ مطلع القرن الماضي وعاشت "حرقة في قلبه" طوال الحرب الأهلية، وهو ترشح لرئاسة البلدية للمساهمة في اعادة اعمارها "بمساعدة الاخيار والأحبة فيها". ويعمل جاهدا ً مع المجلس البلدي للحفاظ على جغرافية المدينة المميزة، "فعاليه المدينة عبارة عن قرى تتقاسمها التلال الى جانب المنطقة الزراعية التي تطل على النهر والتي تشكل قرية زراعية بحد ذاتها، حيث الكرز واللوز والجوز وزقزقة العصافير توقظ المزارع المتمسك بأرضه، وهي مركز القضاء الذي يستقبل الى جانب الأجانب والعرب السياح اللبنانيين في شارعها السياحي المكتظ بنجوم الحفلات والمطاعم صيفا ً، أما شتاؤها فيجمع العائلة بطابع ريفي أهلي لتتميز هذه المدينة بصخب المدينة وهدوء الريف في آن معا ً." وحين يتحدث مراد عن مسقط رأسه يكاد يقول انها بمثابة عروس يفرح بها ويعشقها، ويفخر مثلا ً بزيارة فنان يوناني أتى خصيصا ً ليشاهد المنحوتات المميزة في سيمبوزيوم عاليه، فزار البلدية ليضع خبرته الأكاديمية والفنية في خدمتها. أما في مشاريعه المستقبلية فهو يركز على اصلاح شبكة الصرف الصحي والطرقات، الأمر الذي بدأ بالتعاون مع وزارة الأشغال باستحداث الطريقين "خط عاليه الدائري والخط الموازي لطريق الشوف"، وهو يعمل على تفعيل جهاز الحرس باستمرار لتبقى المدينة آمنة.

كذلك صب مراد اهتمامه على حملات النظافة المستمرة وزرع المشاعات وزين الشوارع بحملات التشجير، وهو يعمل على انشاء حدائق عامة لتكون عاليه المدينة الرائدة بحضورها السياحي، البيئي، الاجتماعي، الثقافي والتاريخي على حد سواء، كما يشجع القطاع الصناعي ويعمل على نقل المؤسسات ذات الطابع الحرفي من الشارع السياحي الى المنطقة الصناعية بعد انجاز المجمع الصناعي في منطقة عين حالة، في وقت تبدلت وجهة المحال الصناعية والحرفية في السوق السياحي الى تجارية لتتلاءم مع الواقع السياحي للشوارع والمنطقة السكنية.

أما المشاريع المطروحة على نار حامية فهي توسيع السوق القديم، ترميم المعالم السياحية والاثرية، تعزيز ودعم انشاء المزيد من الفنادق والمطاعم العائلية ووسائل الترفيه الراقية.
وحين يتحدث رائد النهضة في المدينة ورئيس بلديتها الحالي وجدي مراد عن حلمه المستقبلي بعاليه يقول: "عاليه هي الحلم وحاضنة الاحلام عبر الاجيال وأريدها منارة ابداعية على كل الاصعدة ومدينة تضج بالفرح باهلها وضيوفها وتتواصل مع العالم العربي والدولي، لأننا نريدها مدينة رائدة حاضرا عربيا ودوليا بفعالية."

وقد استضافت عاليه الصيف الماضي وستستضيف دوما ً حفلات الفرق الفنية القطرية والعربية عموما ً لتستعيد امجاد تاريخها الفني مع كبار الفنانين، فبالامس احتفلت مع "قطر الدولة العربية الصغيرة بمساحتها" في تمكنها أن تحظى بشرف استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، وقريبا ستكون هناك حديقة خاصة ستدعى كل الدول العربية الشقيقة لوضع اعلام لها فيها لتكون حديقة الصداقة بين عاليه والدول العربية والدولية، ويضيف "مشروعنا مفتوح الأفق في الانماء، حدوده المزيد من العطاء وتعزيز دور المدينة في تعاونها المستمر مع البلديات الأوروبية الخمسة التي حققنا التوأمة معها، المؤسسات الدولية والبلدية اللبنانية والعربية والاتحاد الأوروبي الداعم لعمل تجمع البلديات والذي نعمل به مع بلديات قضاء عاليه على مسار التعاون اللا مركزي، في اطار بروتوكول موقع للتعاون في كافة القطاعات الانمائية واقامة الدورات التدريبية، الأمر الذي يقوم به مكتب التنمية المحلية عبر ورش عمل لتعزيز مقدرات المجتمع المحلي ورفع قدرات الفرد الانتاجية في كل مجال، لأن العمل البلدي في مفهومنا خرج من الطابع الاداري الى العمل الخلاق والتفاعل مع مقدرات الفرد والمجتمع، لتأمين النسيج العمراني الخدماتي والانساني... " هكذا نحقق حلمنا بعاليه وجوارها لتكون نواة الازدهار في الوطن وتلبي حاجات الناس كبلدة نموذجية على صعيد لبنان والعالم العربي فتبقى محط انظار المصطافين، لأن الانماء هو التطور عبر الحفاظ على ما تم انجازه، وكلمتي الى اهل عاليه استمروا بطيبتكم واخلاقكم العالية كمدينتكم مع السياح والمصطافين لأن ثروة عاليه الابقى هي محبة أهلها وتمسكهم بها والحفاظ عليها".