Village of Baino - What the Municipality have done

بلدية بينو - قبولا - بينو... الوفاق - من كتاب حديث بلديات

على مساحة عريضة من التاريخ والوطن، تتربع عكار، لم تحن آلاف الأعوام ظهرها، ولم تقسمه الصعاب، بل ترسخت وشمخت، حتى صارت خزانا ً للحضارة الانسانية، بما تحمله أرضها من آثار شعوب مرت، ثم رحلت أو زالت، وبقيت عكار... كما صارت للوطن خزانا ً بشريا ً، يسكن أبناؤها كل ملامحه؛ ففي الثقافة والعلم تجد عكاريين، وفي الخدمة الاجتماعية والانسانية تجد عكاريين، وفي الجيش... هم أيضا ً الحاضرون.

عكار التي بصم فيها التاريخ بأصابعه العشرة؛ يترصدك في قلاعها وحصونها، ويأخذ غفواته في مدافنها. وكأن "تل عرقة" الأثري، ما زرعه الخالق هناك، الا تأكيدا ً على أصالة عكار وعراقتها، ليس فقط لما يحتويه من آثار متنوعة ورائعة، بل لما يرمز اليه من قيمة عالية بلغتها تلك المنطقة في العهد المسيحي، حيث شكلت عرقة كرسيا ً اسقفيا ً، لا زال أسقفه حاضرا ً في الكنيسة المارونية...، هكذا يمكن لعكار أن تكون مركز استقطاب سياحي ثلاثي الأبعاد: طبيعي، أثري، وديني.

فهذه المنطقة، في جوهرها منخرطة في قلب التاريخ والتراث، ولا ينقصها الا أن ترى الدولة ذلك، فتدرجها في لائحة المواقع التاريخية التراثية، وتعمل على صيانتها وانمائها.

من يعرف أهل عكار وصورتها، لا شك أنه قاصدها يوما ً. وفيها لا يمكن أن لا تستوقفك منطقة الجومة؛ حيث يجذبك في وسطها عيد ضاحك ومهرجان تنبعث أضواؤه من زمن اللغة السريانية، هناك حيث النساء يرقصن في طقس تعبدي لالهتهن" جونون"، وحيث شبابيك النزل (الفندق) ملأى بالرؤوس المتفرجة! لسنا من يقول ذلك، بل اللغة السريانية التي تقول... تلك هي بينو. والتي يطل الفرح من اسمها، وبين حروفها يتحرك الزائرون، وهي المصنفة "بلدة اصطياف" منذ العام 1962، وهي وحيدة عكار، في هذا الاطار.

يأخذك ابتهاج بينو بذاتها، فتدرك قيمة الفرح. وتأخذك اليها محميتها الطبيعية... ويا لجمال ما ترى العين هناك، محمية تسلمها حواسك وخيالك فتمنحك متعة تكفيك أعمارا ً، وحين تصل الى البحيرة الاصطناعية، تجلس متأملا ً جمالها واتقانها، في الوقت الذي تحتفل فيه مسامك بالكنز الذي خبأته وتخلع عنك الزمن على مدى 78% من مساحة بينو؛ فعلى مدى 38 منها تتناقلك أكف الأشجار في أحراجها، أما في 40 الباقية، فتجد نفسك تسير بغبطة بين عروض الزيتون والجوز واللوز والرمان، وعلى وقع غزل العنب والتين، وثرثرة صبايا الخوخ والمشمش...

تشعر أنك واحد منها، تحيي الأنهر الثلاث، كما تفعل هي، وتبتسم لك الينابيع خجلى، خوفا ً من أن تظنها بخيلة. حركة يدها، وهي تجمع حبيبات مائها، كأنها تقول: "تعال الينا شتاء، فهو بيتنا، وفيه ترى أصول الكرم والجود". وتتابع الينابيع وكأنها تحدث نفسها: "لسنا وحدنا الكرماء، بل الكرم سمة في تراب بينو؛ فها هو زهرها وردها ينعصران شوقا ً، فيغدوان ماءً تتخاطفه الأيدي، وها هو رمانها يخزن وهجه في زجاجات، يسيل اللعاب لدلالها. أما زيتها فيسير طوعا ً الى أوعيته، متراصا ً كأنه صف عسكر، لينطلق منها الى كافة المناطق اللبنانية والعالم، تلحق به أفواج المواكبة من الصابون البلدي، وتخرج الشموع من معملها خلسة، لتضيء طريق هذه الحشود ليلا ً. ويطل الخشب برأسه من المنشرة مستطلعا ً، فترمقه معصرتا الزيتون وهما تدعيان لأبنائهما بالتوفيق".

وفي غمرة أندماجك في الطبيعة، ونسيانك للزمن، يرن جرس الساعة! هو موعد صلاة الجمعة... انه قداس الأحد... ويفتح لك المسجد كما الكنائس الأربع، بكل حرية وانفتاح فأينما دخلت هو بيت الله، وتخرج طالبا ً التأمل، فيرشدونك الى أحد الديرين، أو الى مغاور بينو حيث يمكنك أن تعيش صفاء روحيا ً رائعا ً، لا تصحو منه الا على أجراس الميلاد، فتخرج راكضا ً قاصدا ً مطرانية الروم الأرثوذكسية في الشيخ طابا، وتلوح لك يد خضراء مشيرة الى بناء فخم: "هوذا المقر الجديد للمطرانية "وتفرك عينيك ظنا ً منك أنك لا زلت في غيبة التأمل والحلم، لكن اليد الخضراء تخبرك على طريقتها: "ما تراه حقيقية... انه عصام فارس الذي يعمل ويسهر، ليحول أحلام أبناء منطقته الى واقع يتجاوز ويتفوق عليه".

نعم، فابن بينو دولة نائب الرئيس الأسبق عصام فارس، أحب الوطن بعامة ومنطقته بخاصة، فأعطى ولم يطلب مقابلا ً؛ ففتح بيته وقلبه لأبناء بينو ومنطقة عكار، دون تمييز مذهبي أو سياسي، ومن خلال مؤسسة فارس، انطلق في تلمس حاجات مجتمعه، فلم يقتصر على تلبية الحاجات الآنية وتقديم المساعدات والخدمات، بل هو يبادر الى المباشرة بمشاريع انمائية أو بتمويل مشاريع لجهات محلية، كالبلدية مثلا ً، حيث من الملفت أن مؤسسة فارس هي الجهة المانحة، في كثير من المشاريع التي أنجزتها البلدية، أو التي لا تزال قيد الانجاز.

وازاء ظاهرة اجتماعية انسانية كعصام فارس كما أطلق عليه، لا يمكن أن يغض الطرف، وفرع جامعة البلمند ومعهد عصام فارس الجامعي للتكنولوجيا، التابع لها، وغيرها الكثير من المشاريع، بناء أجنحة مستشفيات، دور عجزة، جسور، طرقات، المحمية الطبيعية، البحيرة الاصطناعية لري المزروعات وقت شح المياه، دعم الابحاث العلمية...) وتطول القائمة... وكلها تعلن حب عصام فارس لبينو ومنطقتها. عصام فارس اسم له وقعه في لبنان وخارجه، اسم ارتبط بالعطاء.. فكيف لا تحبه بينو ويكون محط آمال أهلهل؟؟

بينو... انها لا تحبه فحسب، بل تفخر به ابنا ً بارا ً، جعل من اسمها – العيد والمهرجان – حقيقة سواء في العمران والازدهار، أو في العلم والثقافة والسياحة، وبينو تتمنى لكل اللبنانيات – قرى ومدنا ً – أن يكون لها فارسها العصامي، عندها لا تسل عن لبنان، بل انظر الى النجوم، فسيكون أكبرها وأشدها بريقا ً. وآنئذ تصدق نبوءة الرائع "سعيد عقل ... صخرة علقت في النجم أذكرها... تلك لبنان".

بينو التي متعها الله بطبيعة حيوية، وهبها انسانا ً يشبهها؛ ديناميكي، دائم النشاط لا يستكين، ويصعب عليه التراجع.. ما يؤكد ذلك، واقع العمل البلدي في بينو / قبولا، الذي هو في حراك دائم وفاعل.

ان بينو، وهي عضو في اتحاد بلديات الجومة وعاصمة له، عرفت النظام البلدي منذ العام 1923، ولا زالت تذكر اسم ديب ابراهيم ديب عطية، رئيس أول بلدية فيها. ان ذاكرة بينو جيدة، لذا ترى مجالسها البلدية المتعاقبة، حريصة على أن تفعل كل الممكن، أصلاحا ً وانماء ً، لأنها تريد لبينو أن تزدهر، كما تريد أيضا ً، أن يبقى اسمها مضيئا ً في ذاكرتها. وبالفعل، تبدو جهود العمل البلدي واضحة في الكثير من المشاريع التي تم انجازها، والتي تناولت ميادين شتى: زراعية، عمرانية، انمائية، بيئية، سياحية... ففي اطار دعمها للنشاط الزراعي، عملت البلدية باستمرار على اصلاح وصيانة قنوات الري، كما على تأمين المياه من البحيرة الاصطناعية وفق روزنامة أسبوعية، تغطي كافة الأراضي الزراعية، الأمر الذي شجع على زيادتها، كما اولت البلدية عين عنايتها على التعاونية الزراعية، حيث عملت على ترشيدها وتجديد مجلسها، ومدها ببعض المواد الزراعية، ويبدو أن جهدا ً هاما ً بذلته البلدية في مجال البيئة التحتية للبلدة، اذ قامت البلدية بتنفيذ 70 % من شبكة مجاري الصرف الصحي، والتي تعمل على الجاذبية وليس الضخ.

وفي ظل لعبة الظهور والتخفي لكهرباء لبنان، عملت البلدية على تأمين انارة المنازل والشوارع، وبسعر الكلفة، بتخصصيها مولدي كهرباء لهذا الغرض، كما حرصت البلدية، ولا زالت على الصيانة الأسبوعية لشبكة الانارة، كذلك وسعت رقعتها، وزادت عدد الأعمدة.

ولأجل بيئة أجمل وأفضل، شجرت البلدية شوارع بينو الرئيسة، كذلك مدخلها الجديد، حيث تآلف الأخضر كينا ً وحورا ً وصفصافا ً وشربينا ً و...وميموزا أحيانا ً. وفي اطار اهتمامها بالتعليم، قامت البلدية بتوسيع المدرسة الرسمية وزيادة عدد غرفها. أما تحويل هذه المدرسة الى فرعين: ثانوي ومهني، فهو مشروع جار تنفيذه حتى الآن.

وتشجيعا ً منها للزراعة والصناعات الزراعية، أنشأت البلدية معصرة حديثة للزيتون ولتعبئة الزيت في أوعية ذات سعة مختلفة لتصديره، ورممت البلدية مبنين أثرين مع حفظ طابعهما، ونظفت شارع البحيرة مع ضربه بالرمل وتكحيله، كذلك نظفت مجرى النهر، وصبت الأرضية قرب الجسور.

وشهدت شوارع بينو عملية تأهيل وتقويم شاملة، كما رصف العريض منها، واستبدلت المطبات بالمستديرات أو الأرصفة الوسطية المزروعة، كما جهزت الشوارع باشارات السير والسرعة، كذلك تم تركيب المرايا على المنعطفات وأيضا ً طلاء أعمدة الكهرباء، هذا الى جانب شق طرقات وتعبيدها، وتأهيل الجسور المتصدعة ويذكر أنه في صيف 2008 عبدت البلدية كل شوارع البلدة، ومساحتها 90000 م.

وفي الاطار العمراني أيضا ً تم انشاء ساحتين، فرشتا بالحجر الأسود، مع أعمدة انارة ورصيف وسطي ونافورة من الطراز القديم، كما قامت بتوسيع وتجهيز الكنيسة.

أما في مجال أعمال الانتخابات والمكننة وما يماثلها، فقد ساعدت البلدية في استصدار البطاقات الانتخابية، كما بتفعيل وتوجيه عمل المخاتير، كما تعاونت مع هؤلاء لتنقيح لوائح الشطب في بينو/ قبولا. كذلك عملت البلدية على تأهيل ومكننة جميع أعمالها ونشاطاتها.

هذا، ولا زالت البلدية الحالية برئيسها العميد جرجي وهبه وأعضائها تتابع العديد من المشاريع التي كان قد تم البدء بها، وذلك مع وضعها للرؤى والمخططات والسعي لتحقيقها. ومن المشاريع الهامة التي يجري تنفيذها، هو بناء فرع لجامعة البلمند في بينو، وبديهي ان مردود هذا المشروع ليس ثقافيا ً فحسب، بل اقتصادي واجتماعي أيضا ً، لما يؤمنه من فرص عمل، وما يحقق من ثبات المواطن في أرضه، ولربما الهجرة المعاكسة نحو الريف، مما يحرر المدن وينعش الأرياف.

من جهة أخرى، تسعى البلدية لدى وزارة الداخلية لفتح قلم نفوس في البلدة، كما أنها استصدرت قرارا من هذه الوزارة بتحويل مخفر بينو الى فصيلة كاملة، مجهزة عددا ً وعتادا ً. وهذا ما يجري العمل على تنفيذه. وفي اطار توجه المجلس البلدي للاستفادة من كافة الصلاحيات والامكانات، لتنفيذ أكبر عدد من المشاريع، التي تخدم البلدة، وتمكن أهلها من استمرارية البقاء فيها، تنظر البلدية بكثير من الاهتمام الى مشاريع البنى التحتية، لا سيما تنفيذ محطة تكرير المياه المبتذلة.

وفي مقلب آخر، تدرك بلدية بينو أهمية السياحة، وضرورة وضع الخطط لانمائها، سواء لناحية رعاية الفنون ومختلف أنواع الأنشطة، أو لناحية العمل على جذب الاستثمارات وتوظيفها في هذا القطاع بكل تنوعه (طبيعة، بيئة، آثار، أماكن مقدسة، مستشفيات ومنتجعات..)، كما في قطاعي الزراعة والصناعة أيضا ً.

اضافة الى ذلك، تهتم البلدية بكل ما من شأنه تحسين وضع البلدة والعودة بالفائدة على القطاع السياحي، مثل تحسين الطرقات، وكيفية استثمار الأملاك المشاع. ومن البديهي أن البلدية كانت دوما ً – في ما نفذته من مشاريع أو ما هي مقدمة عليه – ساعية ليس فقط الى نجاح مشاريعها في مختلف القطاعات، بل الى مردودها الايجابي في شتي الميادين، لا سيما السياحية منها، وكانت حريصة على توفير قدر كبير من فرص العمل لأبناء البلدة والجوار، مما يحد من نسبتي الهجرة نحو المدينة والبطالة. ويؤكد المجلس البلدي في بينو، وعلى مستوى الانماء والعمران، سعيه لاستكمال ما تبقى من مشروع الصرف الصحي ومحطة التكرير التابعة له، وذلك في فترة وجيزة. ولما كانت كرامة الانسان أولوية، فقد حرصت البلدية على تأمين بيت للراحة لخدمة المسنين، يحميهم ويصون آخرتهم...

كثيرة هي الطموحات والآمال التي تراود بلدية بينو، برئيسها العميد جرجي وهبه وأعضائها، ولم يمض بعد زمن على هذه الخلية، وأجندتها حاملة بالخطط والمشاريع، منها ما بدأت الدراسات حولها بغية تنفيذها، ومنها ما سينتظر قليلا ً لأنها تستند الى مشاريع، لا زالت قيد الانجاز.

في كل هذا، تبقى بينو هي الغاية والهدف، وانماؤها يستمر أولوية، حيث تتكاثف الجهود وتتوحد، كل فرد يعمل لأجل أبناء بلدته، والجميع يعمل لأجلها هي.. هذه الجميلة المتربعة على موج من خضرة، تظللها سحابة عطاء، ترفعها شهامة أبنائها الى الذرى، وتقربها طيبتهم الى القلوب. بينو... على لون الفرح رسمت، وعين الآلهة تحرسها، منذ أول بدء للزمن.