Village of Baakline - What the Municipality have done

بلدية بعقلين - من الأجداد... الى الآباء... الى الأبناء نتوأرث المحبة - من كتاب حديث بلديات

ومن هنا يطل علينا التاريخ باسما ً، تحمل حجارته ذاكرة الخلود عبر الأجيال، وترويها منذ عهود سحيقة متباهية بأطياف العزة والفخر التي تسبح بين جنباتها مثقلة ً بما تحمله من جواهر الوجود. هنا جواهر حجرية تنطق بماضي بلدة بعقلين في الأزمان الغابرة، من نواويس وخزف وأجران ومعاصر حفرتها الأيدي في الصخور لتبقى أبدا ً مزروعة في الأرض، وحفرت بعضها الآخر على قطع نقدية ومعدنية وآلات تعود الى ما قبل الميلاد.

فبعقلين التي أشتهرت بمائها العذب ونبوعها المدرارة كانت ممرا ً ومستقرا ً لكل الحضارات العظيمة، وارتبط اسمها أيضا ً بالامارة المعنية والأمير فخر الدين عبر التاريخ، الى أن برزت ما بين 1841 و 1918 كمركز للقائمقاميات والمتصرفيات ذات الشأن في سياسة الجبل، ومركز للفقه والدين والآداب الاسلامية والتوحيدية والقضاء والنضالات السياسية والعسكرية، وبقيت كذلك حتى يومنا هذا.

فهي بلدة يميزها موقعها الرائع في قضاء الشوف وسط سلسلة جبال لبنان الغربية ما بين بيروت وصيدا ساحلا ً وضهر البيدر جبلا ً، وتتوزع في سبع تلال خضراء تشرف على دير القمر وبيت الدين وغيرها من القرى والبلدات المجاورة. أما الوصول اليها فيتم عبر طريق اقليم الخروب الى "غريفة" التي اعتبرت قديما ً بوابة الشوف المؤدية الى صيدا، أو عن طريق جزين ثم باتر وعماطور وعين مرشد فالمختارة التي تختال بقصور آل جنبلاط الشهيرة.

وأينما اتجهت في بعقلين يطالعك التاريخ راسما ً خطوات الزمان البارزة، اما في المباني العادية التي تحمل تقاليد العراقة في جنباتها، أو في المعالم السياحية والقصور التاريخية التي تفصلها الطرق والأدراج المتعرجة، وعين الضيعة المبنية على مدخل السوق العتيق والتي تحول رسمها اصدارا ً لورقة نقدية لبنانية.

ومن العين تنطلق الى سرايا بعقلين التي بناها الأمير مصطفى ارسلان، وتحولت معقلا ً مشهورا ً للثقافة والعلم تحت اسم "مكتبة بعقلين الوطنية" بعد أن كانت سجنا ً للصوص والقتلة. وفي بعقلين أيضا ً قصر آل حمادة الذي يعود تاريخه الى أكثر من 400 سنة وأحواض وبرك وآثارات قديمة، منها الكنيسة الأثرية والمدافن والبئر الصليبية ومنطقة الصليب وغيرها الكثير من المتروكات القيمة التي لم يقدر الزمان على محوها.

وكما امتازت بعقلين بتاريخها وموقعها، امتازت أيضا ً بخيرات وتربة خصبة وطبيعة لطيفة منعشة يزيدها جمالا ً شجر الزيتون المنتشر بكثرة الى جانب الفاكهة المتنوعة الشهية وكروم العنب التي تتلألأ دواليها في الحدائق وأمام المنازل.

هذه الكنوز والثروات الطبيعية في بعقلين كانت محط تقدير واهتمام من المؤسسات والبلديات والمجتمع، اضافة الى القيادات والسياسيين والعسكريين، وقد تبين أن المجلس البلدي الأول في البلدة اعتمد عام 1889 برئاسة الشيخ سعيد تقي الدين...، استمر العمل البلدي بمجالسه المتتالية يسعى الى تطوير البلدة والتقدم بها دوما ً الى أن وصل القطار بالمجلس البلدي الحالي برئاسة الدكتور نهى الغصيني ابو عجرم الذي يبذل قصارى جهده ووقته وطاقاته لكي تبقى بعقلين وتسمو وتزدهر أكثر فأكثر.

والمجلس البلدي اليوم هو عضو في اتحاد بلديات الشوف السويجاني الذي تأسس منذ حوالي ثلاثة عقود، وكلا البلدية والاتحاد يؤسسان اليوم مقرا ً لهما يعملان على انجازه تحت شعار يزينه العلم اللبناني الذي يرمز الى التوحد تحت رايته في مقر رسمي لبلدة عرفت منذ عصور كمركز للتواصل الثقافي والتاريخي وطنيا ً واقليميا ً وعربيا ً.

وقد أدى نشاط العمل البلدي في بعقلين الى دفع وزير السياحة جوزيف سركيس عام 2007 قرارا ً يقضي باعتبارها موقعا ً سياحيا ً تمهيدا ً لوضعها في البرامج السياحية الوطنية والأجنبية، كما أصدر وزير السياحة ايلي ماروني أيضا ً قرارا ً يقضي باعتبار بعقلين مركزا ً سياحيا ً وبلدة اصطياف في 17 حزيران من العام 2009.

ولتعزيز هذين القرارين هبت البلدية لتعمل بكل الأساليب الممكنة لكي تطور البلدة سياحيا ً وانمائيا ً واجتماعيا ً وحتى اقتصاديا ً، فبلدية بعقلين تعتبر أن التطور وحدة متكاملة لا انقسام فيها، ولذلك بدأت العمل على انشاء مركز لهذا التطوير السياحي في وسط السوق القديم ليقوم بالخدمات السياحية في بعقلين وكافة بلدات الشوف السويجاني، وبتمويل من بلدية بعقلين التي قدمت العقار ونفذت الأعمال الانشائية مع مساعدة الاتحاد الأوروبي ووزارة الدولة للتنمية الادارية.

من جهة أخرى ودعما ً لسياحة مريحة وممتعة تقوم البلدة بترميم المباني القديمة وتأهيلها وتوسيع طرقاتها وزراعة الأزهار والأشجار على مداخل وطرقات البلدة، اضافة الى اقامة الحفلات الزراعية والفنية التي تتضمن معارض ونشاطات تشجع الزوار والسياح وتفعل الدورة الاقتصادية وتجمع أهل البلدة وضيوفهم في سهرات ممتعة، كما تساعد المزارعين في تصريف انتاجهم.

وكما الانسان، كذلك النبات يحتاج بيئة نظيفة ليعيش فيها، مما دفع البلدية للقيام بأنشطة متعددة تسعى للحفاظ على سلامة البيئة ونظافتها عبر اقامة ندوات ومحاضرات تثقيفية حول هذا الموضوع، وتأليف لجنة مختصة تتكفل العمل في هذا الاتجاه، اذ أن أحد أهم انجازات بلدية بعقلين هو جذب كل طاقات المجتمع للعمل معها عبر لجان متفرعة من ذوي الاختصاص والاندفاع تعمل في جميع الأحياء، كل على حدة حسب الشأن الذي تختاره وتبرع فيه.
فبلدية بعقلين أظهرت دوما ً أفكارا ً متجددة ومتطورة ينهض بها المجتمع بعيدا ً عن الروتين الاداري ويقوم بدور فعال في كل مرصد زراعي يساعد مزارعي البلدة والشوف ككل في الحصول مجانا ً على كافة الارشادات الزراعية واختبارات الأتربة ويوفر للبلدية فرصة الحصول على مركز عام يؤدي الخدمات للأهالي.

كذلك قامت البلدية بدعم مركز تعاونية مزارعي الزيتون جنبا ً الى جنب مع اتحاد بلديات الشوف السويجاني لتسهيل عمل التعاونية، كما قامت باستئجار مقر المدرسة الزراعية في بعقلين من العام 2000 حتى 2004 حين تولى الاتحاد أمر هذه المدرسة الى أن تسلمت الموضوع حاليا ً جمعية أصدقاء التعليم الرسمي. ومع تشجيع الزراعات الموجودة، قامت البلدية أيضا ً بدعم انتشار الزراعات الجديدة ووزعت على المزارعين 800 نصبة من أشجار الكستناء مع المراقبة والدراسة لمعرفة نسبة نجاح الأنواع الزراعية الجديدة وامكانية نموها ونوعية ثمارها.

وللفرح والسهر اقامة دائمة في بعقلين مما جعل البلدية تواكب وتدعم دوما ً جميع النشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية التي تزدهر وتكثر في البلدة، حتى أن عضو المجلس البلدي السابق الدكتور فارس نمور تمكن بمساعيه من الوصول الى التنسيق مع المركز الثقافي الروسي لاقامة أمسيات موسيقية رائعة في المكتبة الوطنية التي يعمل اتحاد البلديات على توسيعها ودعمها وترميمها.

والرياضة البدنية كذلك الى جانب الرياضة الفكرية والعقلية، يتم دعمها من البلدية لانشاء ملعب رياضي نموذجي بالتعاون مع نادي شعلة الكمال الرياضي. وهذا النشاط البلدي والاجتماعي الدائم والزاخر بالعطاء في تلك التلال السبع الخلابة شمل أيضا ً مسحا ً لمعالم البلدة الأثرية، للعمل على تحسين البنى التحتية والمباني الأثرية دراسة كل الخدمات والطرقات وتجميل المداخل والساحات بالشجر والحجر القديم والمقصوب، وترميم النقاط السياحية الهامة، وانشاء الحدائق العامة لتزدان بها البلدة مع تأمين مواقف للسيارات قرب هذه الحدائق.

وصحة الانسان كذلك لها ثقلها في ميزان بلدية بعقلين، مما جعلها تسعى التطوير وتحديث مستوصف بعقلين الخيري وتأمين استمرارية المركز الطبي عبر الحصول على التصنيف المطلوب من وزارة الصحة، وهو ما تم انجازه مع مساعي الأستاذ وليد جنبلاط ومساعدة المرجعيات السياسية المهتمة، وتقوم البلدية أيضا ً بالمراقبة الدائمة والصيانة المطلوبة للآبار الصحية والتسربات المائية كما تتشدد بالنسبة للتقيد بالشروط المطلوبة لجهة انشاء المزارع والمعامل والصناعات وخاصة بالنسبة لأمور فرز النفايات ومعالجتها والتخلص منها بالطرق السليمة والصحية.

وفي هذا المجال تتعاون دوما ً لجنتا الزراعة والبيئة للتخلص من كل ما هو مؤذ ومشوه للبلدة، والسعي لزيادة الفسحات المزروعة الخضراء على شكل أحواض ومربعات صغيرة ومنتزهات، كما يتم العمل على انجاز مشروع حرج بعقلين وتأهيله لجعله موقعا ً سياحيا ً بيئيا ً بمساحة حوالي 40 ألف م 2 تم زرعها بما يوازي 2000 غرسة صنوبر وميموزا وغيرها من الأشجار ذات الثمار العاسلة التي تجذب النحل وتساعد في تربيته. وفي خطوة رائدة أيضا ً تسعى البلدية الى اقامة متحف طبيعي يشرح طبيعة حياة أجدادنا وكيفية تأمينهم لمتطلبات الحياة بالأساليب التراثية القديمة والتي لا تؤذي الطبيعة.

صناعيا ً أيضا ً كان للبلدية مساعيها للتطوير والتحديث، فقامت باعادة تنظيم المنطقة الصناعية في بعقلين وتصنيف منطقة أخرى محاذية لها لتتناسب مع الواقع الجغرافي الحالي للبلدة...، ومساهمة منها في ايجاد فرص عمل جديدة تنسق البلدية مع كافة القطاعات الانتاجية لتشجيعها وتوسيعها، ولجذب الاستثمارات الخارجية، ورفع كفاءات البلدة وزيادة انتاجيتها.

ولا تنتهي أهداف البلدية هنا، فهي تضع دوما ً المشاريع والمخططات المستقبلية مثل ترسيخ التوازن البيئي في مناطق النمو العمراني المقترحة وتأمين مستلزمات المواطنين والافادة من المعطيات الموجودة، مع تفعيل نمو بعقلين المستقبلي عبر مخططات توجيهية مدروسة في مختلف المجالات.

وهذه الانجازات والنشاطات الدائمة جعلت أهالي بعقلين يوافقون بصوت واحد مع المجلس البلدي برئاسة الدكتورة نهى الغصيني ابو عجرم حين يقول: "نحن جميعا ً نملك خيار تنمية بعقلين وتحقيق ازدهارها كما كانت سابقا ً، العاصمة الأولى في قلب جبلنا الشامخ. تاريخنا عريق وحاضرنا واعد... لنعمل سويا ً، مغتربين ومقيمين، من أجل مستقبل زاهر لبعقلين يليق برصيدها الذي ورثناه عن أجدادنا. ولنشارك في جعل تنمية بلدتنا قضية اجتماعية والتزاما ً فرديا ً في آن معا ً..."